للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما لا يعرب في الواحد مشبه بالحرف الذي جاء لمعنى، فإذا ثنيته فقد بطل شبه الحرف الذي جاء لمعنى؛ لأن حروف المعاني لا تثنى"١.

وقد فات الزجاج أن الجمع يمكن أن يقال فيه، ما قاله هو في التثنية، من بطلان شبه الحرف الذي جاء لمعنى، فلماذا لم يُعرب إذن: اسم الموصول المجموع، مثل: "الذين" واسم الإشارة للجمع، مثل هؤلاء؟!

وليست كل التفسيرات التي قدمها النحاة القدامي، للظواهر اللغوية في العربية، خطلا نحذر الناس منه، أو خطايا نستغفر الله للنحاة العرب من الوقوع في أدرانها، وإنما نحذر بعض شبابنا الباحثين، من الوقوع أسرى لبعض هذه التفسيرات الواهية، وندعوهم إلى إعمال العقل في المنقول عن هؤلاء النحاة، من مختلف التفسيرات للظواهر اللغوية.

ولسنا في دعوتنا هذه نخرج كثيرا عن منهج كبار علمائنا القدامى، ورحم الله عبقري العربية، الخليل بن أحمد، حين سئل عن العلل التي يعتل بها في النحو، فقيل له: عن العرب أخذتها أم اخترعتها من نفسك؟ فقال: إن العرب نطقت على سجيتها وطباعها، وعرفت مواقع كلامها، وقام في عقولها علله، وإن لم ينقل ذلك عنها، واعتللت أنا بما عندي أنه علة لما عللته منه، فإن أكن أصبت العلة فهو الذي التمست، وإن تكن هناك علة أخرى له، فمثلي في ذلك رجل حكيم، دخل دارا محكمة البناء، عظيمة النظم والأقسام، فكلما وقف هذا الرجل في الدار على شيء منها، قال: إنما فعل هذا هكذا لعلة كذا وكذا، ولسبب كذا وكذا، سنحت له وخطرت بباله، محتملة لذلك. فجائز أن يكون الحكيم الباني


١ معاني القرآن وإعرابه للزجاج ١/ ٣٤.

<<  <   >  >>