للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

للاختصار، وحذفت "كان" لذلك، فانفصل الضمير، ثم زيدت "ما" للتعويض، ثم أدغمت النون في الميم للتقارب.

هكذا يقول النحاة العرب، ويستشهدون على ذلك بقول العباس بن مرداس السلمي:

أبا خراشة أما أنت ذا نفر ... فإن قومي لم تأكلهم الضبع١

وقول الشاعر:

أما أقمت وأما أنت مرتحلًا ... فالله يكلا ما تأتي وما تذر٢

ويبدو أن هذه المسألة، مبنية على تحريف وقع في بيت العباس بن مرداس السلمي، وهو البيت الوحيد الصحيح النسبة، بين شاهدي هذه المسألة؛ لأن البيت الثاني يروى بلا نسبة، كما أنه يحتوي على عبارات إسلامية ظاهرة، مما يدل على أنه مصنوع بعد وضع القاعدة وعلى ضوئها.

وهذا يعني أن المسألة لا وجود لها في اللغة العربية أصلا، وأن النحاة وعلى رأسهم سيبويه أو شيوخه، قد وقعوا في التحريف في بيت العباس بن مرداس، وقاسوا عليه أمثلتهم الأخرى، وأن صواب رواية البيت:

أبا خراشة إمَّا كنت ذا نفر ... فإن قومي لم تأكلهم الضبع

هكذا: "إما كنت" بدلا من": "أما أنت" التي يزعم النحاة منذ أيام سيبويه أن البيت يروى بها. و"إمَّا" هذه هي: "إن" الشرطية المؤكدة بما الزائدة، وهي كثيرة في الكلام العربي، ويأتى بعدها المضارع، كقوله تعالى: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ} ، والماضي كقول الأبيرد الرياحي:


١ كتاب سيبويه ١/ ١٤٨.
٢ خزانة الأدب ٢/ ٨٢.

<<  <   >  >>