فلا يبعدنك الله إما تركتنا ... حميدا وأودى بعدك المجد والفخر١
ولعل الدليل على صحة ما نقول، أن بيت العباس بن مرداس، يروى كثيرا في غير كتب النحو "التي ينقل بعضها عن بعض"، بالرواية الصحيحة، وهي:"إما كنت" ويكفي أن تراجع ذلك في كتاب العين للخليل بن أحمد ١/ ٣٣١ وجمهرة الأمثال لأبي هلال العسكري ٢/ ١١٠ وتهذيب الألفاظ لابن السكيت ٢٦ وحماسة الخالدين ١/ ٨٩ وجمهرة اللغة لابن دريد ١/ ٣٠٢ وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١/ ٤٣ ولسان العرب "خرش" ٨/ ١٤٣ والاشتقاق لابن دريد ٣١٣ والشعر والشعراء لابن قتيبة ١/ ٣٤١ وشرح ديوان جرير لمحمد بن حبيب ١/ ٣٤٩ والحيوان للجاحظ ٥/ ٢٤، ٦/ ٤٤٦ وغير ذلك.
وهذا مثال ثان يؤكد ما قلنا، من ابتداع بعض النحاة العرب لشيء من القواعد، بناء على رواية مغيرة لهذا الشاهد أو ذاك من شواهد الشعر، يقول ابن قتيبة: "وقد رأيت سيبويه يذكر بيتا يحتج به، في نسق الاسم المنصوب على المخفوض، على المعنى لا على اللفظ، وهو قول الشاعر:
معاوي إننا بشر فأسجح ... فلسنا بالجبالِ ولا الحديدا
قال: كأنه أراد: لسنا الجبالَ ولا الحديدا، فرد الحديد على المعنى قبل دخول الباء.
وقد غلط على الشاعر؛ لأن هذا الشعر كله مخفوض، قال الشاعر: