وقد لخص جلال الدين السيوطي كل هذه الحالات الثلاث أحسن تلخيص، فقال "وهو يسمى المخالفة بالقلب": "اجتماع الأمثال مكروه، ولذلك يفر منه إلى القلب أو الحذف أو الفصل، فمن الأول: قالوا في دهدهت الحجر: دهديت، قلبوا الهاء الأخيرة ياء، كراهة اجتماع الأمثال. وكذلك قولهم في: حاحا زيد: حيحا زيد، قلبوا الألف ياء لذلك. وقال الخليل: أصل "مهما" الشرطية: ماما، قلبوا الألف الأولى هاء، لاستقباح التكرير ... وكذلك: دينار، وديباج، وقيراط، وديماس، وديوان، أصلها: دِنَّار، ودِبَّاج، ودِوَّان، قلب أحد حرفي التضعيف ياء لذلك. ولَبَّى أصله: لَبَّبَ، قلبت الباء الثانية، التي هي اللام ياء؛ هربا من التضعيف، فصار: لبي، ثم أبدلت الياء ألفا، لتحركها وانفتاح ما قبلها، فصار: لَبَّى.
"ومن الثاني: حذف أحد مثلى ظللت ومسست وأحسست، فقالوا: ظلت، ومست، وأحست. وحذف إحدى الياءين من: سيّد، وميّت، وهيّن، وليّن. وقيل: وهو مقيس على الأصح. وقال ابن مالك: يحفظ ولا يقاس عليه ...
"ومن ذلك "الثالث" قال ابن عصفور: لم تدخل النون الخفيفة على الفعل، الذي اتصل به ضمير جمع المؤنث؛ لأنه يؤدي إلى اجتماع المثلين، وهو ثقيل فرفضوه لذلك، ولم يمكنهم الفصل بينهما بالألف، فيقولون: هل تضربنانْ؟ لأن الألف إذا كان بعدها ساكن غير مشدد حذفت، فيلزم أن يقال: هل تضربنَنْ؟ فتعود إلى مثل ما فررت منه، فلذلك عدلوا عن إلحاق الخفيفة، وألحقوا الشديدة، وفصلوا بينهما وبين نون الضمير بالألف، كراهية اجتماع الأمثال، فقالوا: هل تضربنانِّ؟ "١.