للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقول الراجز:

وصاليات ككما يؤثفين١

وقول الآخر:

فإن أهل لأن يؤكرما٢

وقد تخلصت العربية الفصحى من الهمز في هذه الأمثلة وما شابهها، بسبب ما يسمى "كراهة توالي الأمثال في أبنية العربية". وتتحقق هذه الكراهة في الأصل في المضارع المسند إلى ضمير المتكلم، إذ الأصل فيه: "أؤكرم" فصار بعد حذف أحد المقطعين المتماثلين: "أكرم"، ثم حملت باقي صيغ المضارعة والتصاريف الأخرى، على هذه الصيغة، طردا للباب على وتيرة واحدة٣. ومع ذلك بقيت من "الركام اللغوي" لهذه الظاهرة، تلك الأمثلة السابقة.

وإذا كانت العربية الفصحى، قد آثرت تطبيق نظرية "المخالفة النوعية بين الحركات" في جمع المؤنث السالم، الذي ينصب بالكسرة بدلا من الفتحة٤، فإن الأصل وهو النصب قد بقي لنا في شيء من الركام اللغوي، فيما روي لنا عن أبي خيرة الأعرابي، أنه قال: "استأصل الله عرقاتَهم٥"، وفيما رواه الكوفيون عن بعض العرب من قولهم: "سمعت لغاتَهم، وقول الرياشي: سمعت بعض العرب يقول: أخذت إراتَهم٦.


١ المنصف لابن جني ١/ ١٩٢.
٢ الإنصاف ٧/ ٤٨، ٤٦١ والمنصف ١/ ٣٧، ١/ ١٩٢
٣ انظر الفصل السابق: كراهة توالي الأمثال في أبنية العربية.
٤ انظر: فقه اللغات السامية ٧٨ "الفقرة ١٤١".
٥ انظر: الخصائص ١/ ٣٨٤، ٣/ ٣٠٤.
٦ انظر: منهج السالك لأبي حيان ١١.

<<  <   >  >>