للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فعملت علمها، ومع ذلك بقي لنا الأصل في هذا "الركام اللغوي" الذي رأيناه في الشواهد السابقة، وقد قاس الفراء والكسائي على تلك الشواهد، بناء على مذهبهما في توسيع دائرة القياس اللغوي١.

وهناك أمثلة أخرى لهذه النظرية -نظرية الركام اللغوي- في العربية، يضيق المقام عن ذكرها وكلها تبرهن بما لا يدع مجالا للشك، على أن الظاهرة اللغوية، عندما تتطور، لا تموت أو تندثر تماما، وإنما تبقى منها بقايا تدل عليها، وفي ذلك يقول العالم اللغوي فندريس: "التغيير لا يكون تاما إطلاقا، فكثيرا ما تبقى الصيغ القديمة، إلى جانب الصيغ المستحدثة، حتى لتلاحظ في النظام العام للغات التي لها تاريخ طويل، والتي عانت تطورا ضخما، كالفرنسية أو الإنجليزية، مزيجا من النظم التي تضم حالات مختلفة"٢.

أما السبب الثاني من أسباب الشذوذ في اللغة، وهو ما سميناه من قبل: "بدايات التطور" أو "إرهاص التطور" لظاهرة من الظواهر اللغوية، فإن خير أمثلة ما نراه في العربية الفصحى، في صيغتي: "تفعَّل" و"تفاعل"، إذ رويت لنا فيهما صورة أخرى هي: "اتفعَّل" و"اتفاعل".


١ انظر: شرح المفصل لابن يعيش ٨/ ٨٤.
٢ اللغة لفندريس ٤٢٣.

<<  <   >  >>