والصورة الأولى لهاتين الصيغتين أقدم من الثانية، وعليها جمهرة الأفعال التي رويت لنا في الفصحى، مثل: تعلم، وتكلم، وتقاتل، وتضارب، ومنها في القرآن الكريم قوله تعالى:{ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى}[النجم: ٨] ، وقوله جل شأنه:{إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ}[الأعراف: ٢٠١] ، وقوله عز وجل:{فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ}[المائدة: ٤٥] ، وقوله سبحانه وتعالى:{وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ} ، [البقرة: ١٥٨] ، وقوله جل وعلا:{قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ}[النمل: ٤٩] .
كما روى لنا من الصورة الثانية، بعض الأمثلة في العربية الفصحى، ومنها في القرآن الكريم قوله تعالى:{حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ}[يونس: ٢٤] ، وقوله عز وجل:{لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ}[الصافات: ٨] ، وقوله سبحانه وتعالى:{لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ}[المنافقون: ١٠] ، وقوله جل شأنه:{بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُون}[النمل: ٦٦] .
وهذا التطور حدث أولا في مضارع صيغتي:"تفعل" و"تفاعل"، إذ تتأثر التاء فيهما -بعد تسكينها للتخفيف- بفاء الفعل، إذا كانت صوتا من أصوات الصفير، كالسين والشين، أو الأصوات الأسنانية، كالدال والتاء، فتقلب صوتا من جنس هذه الأصوات، ثم قيست على ذلك صيغة الفعل الماضي، فالفعل:"اذكر" مثلا، مقيس على "يذكر". وأصله كما قلنا:"يَتْذَكَّر" بتسكين التاء للتخفيف من: "يَتَذَكَّر".