للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

انْحَصَرَتْ روايته فِيه، أَو لِبَيَانِ وَضْعِ حَدَيثٍ تَتَبَّعُوا سَنَدَهُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى مَنْ يَخْتَلِقُ الكَذِبَ ويفْتَرِيهُ وَتَأَسَّى بِهم مِن بَعْدِهِم مِنْ نَقَلَةِ الأَحَادِيثِ النَّبَويَّةِ وَحَفَظَةِ السُّنَّةِ المُصْطَفَوِيَّةِ، فَضَبَطُوا الأَسَانِيدِ وَقَيَّدُوا مِنْهَا كُلَّ شَرِيدِ، وَسَبَرُوا الرُّواةِ بَيْنَ تَجْرِيح وَتَعْدِيلٍ، وَسَلَكوا فِي تَحْرِيرِ المَتْنِ أَقْومَ سَبِيلٍ، وَلَا غَرَضَ لَهُم إِلَّا الوُقُوفُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ أَقْوَالِ المُصْطَفَى وَأَفْعَالِهِ، وَنَفِي الشُّبْهَةِ بتَحْقِيقِ السَّنَدِ وَاتِّصَالِهِ فَهَذِهِ هِي المَنْقَبَةُ التِي تتسَابَقُ إِلَيْهَا الهِمَمُ العَوَالِي وَالمَأثَرَةُ التِي يصرفُ فِي تَحْصِيلِهَا الأَيامَ وَاللَيَالِي".

وَقَالَ الإِمَامُ أَبُو الطَّيِّبِ السَّيِّدُ صِدِّيقُ خَان الحُسَينِيُّ الأَثَرِيُّ عَلَيهِ الرَّحْمَةُ وَالرّضوَان فِي كِتَابِهِ: "الحِطَّة": "اعْلَمْ أَنَّ آنف العُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ وَمُفْتَاحَهَا وَمِشْكَاةَ الأَدِلَّةِ السَّمْعِيَّةِ وَمِصْبَاحَهَا وَعُمْدَةَ المَنَاهِجِ اليَقِينِيَّةِ وَرَأسَهَا وَمبني شَرَائِعِ الإِسْلَامِ وَأَسَاسِهَا وَمُسْتَنَدَ الرِّوَايَاتِ الفِقْهِيَّةِ كُلهَا وَمَآخَذِ الفُنُونِ الدِّينِيَّةِ دقهَا وجلَّهَا وَأُسْوَةِ جُملَةِ الأَحْكَامِ وَأُسَّهَا وَقَاعِدة جَمِيعِ العَقَائِدِ، وَسَمَاءِ العِبَادَاتِ وَقُطبِ مَدَارَهَا، وَمَرْكَزِ المُعَامَلَاتِ وَمَحَطَّ حَارَهَا وَقَارَهَا، هُو عِلمُ الحَدِيثِ الشَّرِيفِ الَّذي تُعْرَف بِهِ جَوَامِعُ الكَلِمِ، وَتَنْفَجِر مِنْهُ يَنَابِيعُ الحِكَم وَتَدُورُ عَلَيْهِ رَحَى الشَّرْعِ بِالْأسْرِ، وَهُو مَلَاكُ كُلِّ نَهْيٍ وَأَمْرٍ وَلَوْلَاهُ لَقَالَ مَنْ شَاءَ مَا شَاءَ وَخَبَطَ النَّاسُ خَبْطَ عَشْوَاءَ وَرَكَبُوا مَتْنَ عَمْيَاءَ فَطُوبَى لِمَنْ جَدَّ فِيهِ وَحَصَلَ مِنْهُ عَلَى تَنْوِيهٍ يملكُ مِنَ الْعُلُومِ النَّوَاصِي، وَيُقَرِّبُ مِن أَطْرَافِهَا البَعِيْدَ القَاصِي. وَمَن لَمْ يَرْضِعْ مِن دُرِّهِ، وَلَمْ يَخُض فِي بَحْرِهِ، وَلَم يَقْتَطِفْ مِن زَهْرِهِ، ثُمَّ تَعَرَّضَ لِلْكَلَامِ فِي الْمَسَائِلِ وَالأَحْكَامِ فَقَدْ جَارَ فِيمَا حَكَمَ وَقَالَ عَلَى اللهِ تَعَالَى مَا لَم يَعْلَمْ؛ كَيْفَ وَهُو كَلَامُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَالرَّسُولُ أَشْرَفُ الخَلْقِ كُلُّهُم أَجْمَعِينَ، وَقَدْ أُوتِيَ جَوَامِعَ الكَلِمِ وَسَوَاطِعَ الحُكْمِ، مِنْ عِنْدِ رَبِّ العَالَمِيْنَ. فَكَلَامُهُ

<<  <   >  >>