للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

______ [شرح أحمد شاكر رحمه الله] ______

= الكذابون المفترون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو شر أنواع الرواية ومن علم أن حديثا من الأحاديث موضوعا فلا يحل له أن يرويه منسوبا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلا مقرونا ببيان وضعه. وهذا الحذر عام في جميع المعاني، سواء الأحكام، والقصص، والترغيب والترهيب، وغيرها. لحديث سمرة بن جندب والمغيرة بن شعبة قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «مَنْ حدث عَنِّي بحَدِيثٍ يَرَى أَنَّهُ كَذِبٌ فَهُوَ أَحَدُ الكَاذِبِيْنِ» رواه مسلم في صحيحه، ورواه أحمد وابن ماجة عن سمرة [١]. وقوله: " يرى" فيه روايتان: بضم الياء وفتحها، أي بالبناء للمجهول وبالبناء للمعلوم، وقوله " الكاذبين فيه روايتان أيضا: بكسر الباء وبفتحها، أي بلفظ الجمع، وبلفظ المثنى. والمعنى على الروايتين في اللفظين صحيح .. فسواء أَعَلِم الشخص أن الحديث الذي يرويه مكذوب، بأن كان من أهل العلم بهذه الصناعة الشريفة، أم لم يعلم، إن كان من غير أهلها، وأخبره العالم الثقة بها - فإنه يحرم عليه أن يحدث بحديث مفترى على رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأما مع بيان حاله فلا بأس، لأن البيان يزيل من ذهن السامع أو القارئ ما يخشى من اعتقاد نسبته إلى الرسول عليه الصلاة والسلام.

ويعرف وضع الحديث بأمور كثيرة، يعرفها الجهابذة النقاد من أئمة هذا العلم: منها إقرار واضعه بذلك. كما روى البخاري في التاريخ الأوسط [٢] عن عمر بن صبح بن عمران التميمي أنه قال: أنا وضعت خطبة النبي صلى الله عليه وسلم. وكما أقر ميسرة بن عبد ربه الفارسي [٣] أنه وضع أحاديث في فضائل القرآن، وأنه وضع في فضل علي سبعين حديثا. وكما أقر أبو عصمة نوح ابن أبي مريم، الملقب بنوح الجامع [٤]، أنه وضع على ابن عباس أحاديث في فضائل القرآن سورة سورة.

ومنها: ماينزل منزلة إقراره. كأن يحدث عن شيخ بحديث لا يعرف إلا عنده، ثم يسأل عن مولده، فيذكر تاريخا معينا، ثم يتبين من مقارنة تاريخ ولادة الراوي =


[١] مقدمة ((صحيح مسلم)) ١/ ٨، والمسند (٣٠/ ١٢١، ١٥٠، ١٧٤)، وابن ماجة (٣٩)
[٢] التاريخ الأوسط ٢/ ٢١٠.مطبوع خطأ باسم الصغير
[٣] انظر تاريخ بغداد ١٥/ ٢٩٧
[٤] انظر الإرشاد ٣/ ٩٠١

<<  <   >  >>