للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

______ [شرح أحمد شاكر رحمه الله] ______

= ومدلولاتها ومقاصدها، ولا خبيرا بما يحيل معانيها، ولا بصيرا بمقادير التفاوت بينها- لم تجز له رواية ما سمعه بالمعنى، بل يجب أن يحكي اللفظ الذي سمعه من غير تصرف فيه.

هكذا نقل ابن الصلاح [١] والنووي وغيرهما الاتفاق عليه.

ثم اختلفوا في جواز الرواية بالمعنى للعارف العالم:

فمنعها أيضًا كثير من العلماء بالحديث والفقه والأصول. وبعضهم قيد المنع بأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم المرفوعة، وأجازها فيما سواه. وهو قول مالك، رواه عنه البيهقي في المدخل، وروي عنه أيضًا أنه كان يتحفظ من الباء والياء والتاء في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم [٢].

وبه قال الخليل بن أحمد. واستدل له بحديث: "رب مبلغ أوعى من سامع". [٣]

فإذا رواه بالمعنى فقد أزاله عن موضعه ومعرفة ما فيه. وذهب بعضهم إلى جواز تغيير كلمة بمرادفها فقط. وذهب آخرون إلى جوازها إن أوجب الخبر اعتقادًا وإلى منعها إن أوجب عملا.

وقال بعضهم بجوازها إذا نسي اللفظ وتذكر المعنى، لأنه وجب عليه التبليغ، وتحمل اللفظ والمعنى، وعجز عن أداء أحدهما، فيلزمه أداء الآخر.

وعكس بعضهم: فأجازها لمن حفظ اللفظ، ليتمكن من التصرف فيه، دون من نسيه،

والأقوال الثلاثة الأخيرة خيالية في نظري.

وجزم القاضي أبو بكر بن العربي بأنه إنما يجوز ذلك للصحابة دون غيرهم. قال في أحكام القرآن (ج ١ ص ١٠): (إن هذا الخلاف إنما يكون في عصر الصحابة ومنهم. وأما من سواهم فلا يجوز لهم تبديل اللفظ بالمعنى، وإن استوفى ذلك المعنى فإنا لو جوزناه لكل أحد لما كنا على ثقة من الأخذ بالحديث، إذ كل أحد إلى زماننا هذا قد بدل ما نقل، وجعل الحرف بدل الحرف فيما رآه، فيكون خروجا =


[١] المقدمة ص ٣٩٤
[٢] انظر الكفاية للخطيب ١/ ٥٢٣
[٣] حديث متواتر أخرجه البخاري (١٧٤١)، (٧٠٧٨) وغيره كثير

<<  <   >  >>