للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

______ [شرح أحمد شاكر رحمه الله] ______

= هذا الحد؟ قال: "ما هو إلا كان يشارك مشاركة جيدة في هذا، أعني في الأسانيد، وكان في المتون أكثر، لأجل الفقه والأصول" [١].

وقال أبو الفتح بن سيد الناس: "أما المحدث في عصرنا، فهو من اشتغل بالحديث رواية ودراية، وجمع رواته، واطلع على كثير من الرواة والروايات في عصره، وتميز في ذلك، حتى عُرِفَ فيه خطُهُ، واشتهر ضبطُهُ، فإن توسع في ذلك حتى عرف شيوخه وشيوخ شيوخه، طَبَقةً بعد طبقة، بحيث يكون ما يعرفه من كل طبقة أكثر مما يجهله- فهذا هو الحافظ".

وسأل شيخ الإسلام الحافظ أبو الفضل بن حجر العسقلاني شيخَه الحافظ أبا الفضل العراقي فقال: "ما يقول سيدي في الحد الذي إذا بلغه الطالب في هذا الزمان استحق أن يسمى حافظًا؟ وهل يُتسامح بنقص بعض الأوصاف التي ذكرها المزي وأبو الفتح في ذلك، لنقص زمانه أم لا؟ " فأجاب: "الاجتهاد في ذلك يختلف باختلاف غلبة الظن في وقتٍ ببلوغ بعضهم للحفظ، وغلبتهُ في وقت آخر، وباختلاف من يكون كثير المخالطة للذي يصفه بذلك" [٢].

وكلام المزي فيه ضيق، بحيث لم يسم ممن رآه بهذا الوصف إلا الدمياطي.

وأما كلام أبي الفتح فهو أسهل، بأن ينشط بعد معرفة شيوخه إلى شيوخ شيوخه وما فوق.

ولا شك أن جماعة من الحفاظ المتقدمين كان شيوخهم التابعين أو أتباع التابعين وشيوخ شيوخهم الصحابة أو التابعين: فكان الأمر في ذلك الزمان أسهل، باعتبار تأخر الزمان.

فإن اكتفى بكون الحافظ يعرف شيوخه وشيوخ شيوخه أو طبقة أخرى، فهو سهل لمن جعله فيه ذلك دون غيره، من حفظ المتون والأسانيد، ومعرفة أنواع علوم =


[١] أخرج هذه القصة السخاوي في الجواهر والدرر ١/ ٨١ طبعة ابن حزم، لكنه لم يصرح باسم السبكي.
[٢] انظر الجواهر والدرر ص ١/ ٨٢، ٨٣.

<<  <   >  >>