للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

• بل إن من التدابير والتوجيهات الإسلامية في مواجهة الأوبئة نهيه عن دخول المريض على الأصحاء، فمن علم أنه مريض مرضاً يعدي من حوله ويؤذيهم فلا يجوز له مخالطة الناس دون اتخاذ التدابير الوقائية التي تمنع نقل العدوى لهم؛ لأن ذلك إضرار بالمجتمع وهو أمر محرم شرعاً، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا ضَرَرَ ولا ضِرَارَ -وفي رواية: ولا إِضْرَارَ (١)» (مالك وغيره)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يُورِدَنّ مُمْرِض على مُصِحّ (٢)» (البخاري).

ومما ينبغي علينا ترك الاجتماعات التي قد تؤذي إلى تفشي الوباء حتى لو كان هذا الاجتماع للدعاء والعبادة، قال الحافظ ابن حجر العسقلاني: "ووقع هذا في زماننا، حيث وقع أول الطاعون بالقاهرة، في السابع والعشرين من شهر ربيع الآخر، سنة ٨٣٣ هـ، فكان عدد من يموت بها دون الاربعين، فخرجوا إلى الصحراء، في الرابع من جمادى الأولى، بعد أن نودي فيهم بصيام ثلاثة ايام، كما في الاستسقاء، واجتمعوا ودعوا وأقاموا ساعة ثم رجعوا، فما انسلخ الشهر حتى صار عدد من يموت في كل يوم بالقاهرة فوق الألف، ثم تزايد ". (كنوز الذهب في تاريخ حلب ٢/ ٢١٢)


(١) أخرجه مالك في الموطأ ٢/ ٧٤٥ مرسلاً في الأقضية، باب القضاء في المرفق. ورواه الدارقطني والحاكم والبيهقي من حديث أبي سعيد الخدري، وقال الحاكم: صحيح الإسناد على شرط مسلم، قال النووي في " الأربعين ": وله طرق يقوي بعضها بعضاً.
(٢) أخرجه البخاري ٧/ ١٩٧.

<<  <   >  >>