هناك صراط مستقيم، وهو الطريق القويم طريق الهداية، وهناك صراط الجحيم منصوب على جهنم أشارت إليه الآيات في سورة يس، وفي الصافات، وفي مريم، وبيّنته الأحاديث الصحيحة المشهورة المروية في البخاري ومسلم وفي غيرهما كما مرّ.
والعجيب أن د. الكيالي أنكر مفهوم الآيات السابقة، ثم أنكر الأحاديث الصّحيحة الصّريحة ليصل إلى فكرته الاعتزالية، ثم بعد ذلك استدل ببعض الأحاديث التي تخدم فكرته وما يصبوا إليه.
فإمّا أن لا يستدل بالحديث أصلاً وهذا هو المفروض حسب عقيدته، أو يستدل بكل الأحاديث الواردة دون انتقاء لبعضها وإقصاء للآخر.
وقد عنف الله في القرآنُ الكريم اليهودَ لأنهم يأخذون ببعض الكتاب وينكرون البعض الآخر؛ حسب أهوائهم وعقيدتهم الفاسدة قال تعالى:
فقلْ لمنْ يدَّعِي في العلم معرفةً ... حفِظْتَ شَيئًا، وغابَتْ عنك أشياءُ
ومن المعروف أن د. الكيالي مهندس معماري، ودرس الرياضيات والفيزياء والكيمياء، ولم يثبت عنه أنه أخذ العلم الشرعي عن واحد من العلماء المشهود لهم بالعلم والتقوى والاستقامة، فلم يتلقَّ العلم عن أهله، بل هبج من الكتب من هنا وهناك ما يروق له فَضَلَّ وأَضلّ، وقد يكون الهدف من ترويجه هو وأمثاله في هذه الأوقات ضربَ الاسلام من خلال إنكار السنة المطهرة، وهي المرجع الثاني التي نأخذ منها الأحكام بعد القرآن الكريم، وقد حذر النبيُّ من ذلك قبل أربعة عشر قرناً فقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ، أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ، أَلَا يُوشِكُ رَجُلٌ شَبْعَانُ عَلَى أَرِيكَتِهِ يَقُولُ عَلَيْكُمْ بِهَذَا الْقُرْآنِ فَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَلَالٍ فَأَحِلُّوهُ، وَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَرَامٍ فَحَرِّمُوهُ .. » وفي رواية: «لَا أُلْفِيَنَّ- لَا أجدنَّ- أَحَدَكُمْ مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَتِهِ، يَأْتِيهِ الأَمْرُ مِنْ أَمْرِي: مِمَّا أَمَرْتُ بِهِ، أَوْ نَهَيْتُ عَنْهُ، فَيَقُولُ: مَا أَدْرِي، مَا وَجَدْنَا فِي كِتَابِ اللهِ اتَّبَعْنَاهُ (١)»
(١) أخرجه أبو داود رقم (٤٦٠٥) في السنة: باب لزوم السنة، والترمذي رقم: (٢٦٦٦) في العلم: باب رقم (١٠) وإسناده صحيح. وقال الترمذي: حسن، وأخرجه أحمد ٦/ ٨، وابن ماجة في المقدمة رقم (١٣) بألفاظ متقاربة. (انظر جامع الأصول في أحاديث الرسول ١/ ٢٨٣ مع الحاشية)