للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقال: «كيف لا أصلي خلف الامام مالك وسعيد بن المسيب» (١٢٥).

وصلى الشافعي رحمه الله الصبح قريبا من مقبرة أبي حنيفة رحمه الله فلم يقنت والقنوت عنده سنة مؤكدة فقيل له في ذلك، فقال: «أخالفه وأنا في حضرته» وقال ايضا: «ربما انحدرنا الى مذهب أهل العراق» (١٢٦).

وكان مالك رحمه الله اثبت الائمة في حديث المدنيين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأوثقهم اسنادا، وأعلمهم بقضايا عمر وأقاويل عبد الله بن عمر وعائشة وأصحابهم من الفقهاء السبعة [*] رضوان الله عليهم اجمعين، وبه وبأمثاله قام علم الرواية والفتوى وقد حدّث وأفتى رضي الله عنه، وألف كتابه «الموطأ» الذي توخى فيه ايراد القوي من حديث أهل الحجاز، كما نقل ما ثبت لديه من اقوال الصحابة وفتاوى التابعين، وبوّبه على أبواب الفقه فأحسن ترتيبه وأجاد، وقد اعتبر «الموطأ» ثمرة جهد الامام مالك لمدة اربعين عاما، وهو أول كتاب في الحديث والفقه ظهر في الاسلام وقد وافقه على ما فيه سبعون عالما من معاصريه من علماء الحجاز، ومع ذلك فحين اراد المنصور كتابة عدة نسخ منه، وتوزيعها على الامصار، وحمل الناس على الفقه الذي فيه حسما للخلاف كان الامام مالك أول من رفض ذلك، فقد روي عنه أنه قال: «يا أمير المؤمنين، لا تفعل هذا، فان الناس قد سبقت لهم اقاويل،


(١٢٥) إشارة الى أن الإمامين مالكا وابن المسيب لا يريان الوضوء من خروج الدم.
(١٢٦) حج الله البالغة (٣٣٥).

[*] قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ورد في نهاية النسخة الإلكترونية ما يلي:
استدراك
فاتنا خلال التعليقات أن نعرف بالفقهاء السبعة. وفيما يلي إيضاح ذلك:
يراد بالفقهاء السبعة: سعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، والقاسم بن محمد، وخارجة بن زيد، وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وسليمان بن يسار، وعبد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، وهم الذين نظم الشاعر اسماءهم بقوله:
إذا قيل من في العلم سبعة أبحر ... رواياتهم ليست عن العلم خارجة
فقال: هم عبد الله عروة قاسم ... سعيد أبو بكر سليمان خارجة
وكلهم من التابعين: انظر إعلام الموقعين (١/ ٢٣).

<<  <   >  >>