وينال أحدهم من أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بمحضر من عمار بن ياسر الذي كان على غير موقفها يوم الجمل كما هو معروف فيقول رضي الله عنه:«اسكت مقبوحا منبوحا، أتؤذي محبوبة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فأشهد أنها زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنة؟ لقد سارت أمنا عائشة رضي الله عنها مسيرة وإنا لنعلم أنها زوجة النبي صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة، ولكن الله ابتلانا بها ليعلم إياه نطيع أو إياها»(٥٦) .
أي أدب بعد هذا ينتظر صدوره من رجال قضت مشيئة الله أن تتلاقى رماحهم، لكن النور الذي استقوه من مشكاة النبوة ظل ينير قلوبا عجزت الإحن أن تغشاها، ففاضت بمثل هذا الادب في الاختلاف، وحمد لله فما كان الله جل شأنه ليجمع في رجال عصوره الخير الاختلاف ومجانفة الأدب.
[وصف ضرار لـ «علي» وبكاء معاوية:]
أخرج أبو نعيم عن أبي صالح قال: دخل ضرار بن ضمرة الكناني على معاوية، فقال له: صف لي عليا، فقال: أو لا تعفيني يا أمير المؤمنين؟ قال: لا أعفيك، قال: اما إذا لابد، فإنه والله بعيد المدى، شديد القوى، يقول فصلا، ويحكم عدلا، يتفجر العلم من جوانبه، وتنطق الحكمة من نواحيه، يستوحش من الدنيا وزهرتها، ويستأنس بالليل وظلمته، كان والله غزير العبرة (الدمعة) ، طويل
(٥٦) المرجع السابق وكنز العمال (٧/١٦٦) وحياة الصحابة (٣/١٤) .