بأن عليه صيام شهرين متتابعين لا يجزئه غيرهما. وكان عليه أن يفتيه بالعتق أولا، ولما سئل عن ذلك قال: إنه يستطيع أن يعتق مئات الرقاب فلابد من أخذه بالاشق وهو الصيام، ولو احتكما إلى واقعية الإسلام ويسره وحرصه على أن يجعل استجابة الناس لأحكامه استجابة ذاتيّة فطرية طوعية بلا عنت ولا مشقة، وفي الوقت نفسه لا يدع الناس أحرارا يمتطون مراكب الهوى، لو فعلنا ذلك لتبين لنا أن كلا الطرفين كان مخطئا وأن كلا منهما قد تجاوز ما قصده الشارع الحكيم.
إن مهمة العالم هي تبليغ رسالة الله تعالى للناس كما أنزلها الله في كتبه، وكما ارسل بها رسله، وليس له أمر التشديد أو التخفيف (قل أتعلمون الله بدينكم ... )(الحجرات: ١٦)
( ... قل أأنتم أعلم أم الله)(البقرة: ١٤٠) والعبرة بالاتباع فما جاوزه ابتداع سواء أكان في جانب التشديد أم التخفيف.
[التقليد وعواقبه]
رأينا فيما تقدم كيف آل أمر الاجتهاد الى ما آل إليه، لقد خاف كثير من الصلحاء من أن يلج بابه من لا يصلح له، فقد تصدى للفتيا رجال صنعوا على أعين السلطان فأصبحوا يلوون أعناق النصوص الى حيث مالت بهم رياح الهى، وتفاوت العلماء بين مرخص ومتشدد، وخشي صلحاء الأمة على مصيرهم ومصير دينها وبدؤوا يبحثون عن العلاج فلم