للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أبي بكر رضي الله عنه للقتال فعرفت أنه الحق» (٣٣) .

وقال ابن يزيد: «افترضت الصلاة والزكاة جميعا لم يفرق بينهما وقرأ: (فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين) (التوبة: ١١) . وأبى أن يقبل الصلاة إلاّ بالزكاة، وقال: رحم الله أبا بكر ما كان افقهه يريد بذلك إصراره على مقاتلة من فرق بين الصلاة والزكاة» (٣٤) . وكان سبب الخلاف بين ابي بكر وعمر رضي الله عنهما أن سيدنا عمر ومن معه تمسكوا بظاهر لفظ الحديث، واعتبروا مجرد دخول الإنسان الإسلام بإعلان الشهادتين عاصما لدمه وماله ومحرّما لقتاله. أما الصديق رضي الله عنه فقد تمسك بقوله صلى الله عليه وسلم «إلاّ بحقها» واعتبر الزكاة حق المال الذي تفقد بالامتناع عن أدائه عصمة النفس والمال، كما فهم من اقتران الصلاة والزكاة في معظم آي الكتاب، وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم أنهما مثلان لا فرق بينهما.

وما داموا متفقين على أن الامتناع عن الصلاة دليل ارتداد واتباع لمدعي النبوة، فإن الامتناع عن الزكاة ينبغي أن يعتبر كدليل ارتداد يقاتل مرتكبه، وبذلك استطاع الصديق رضي الله عنه أن يقنع بقية الصاحبة بصواب اجتهاده في وجوب قتال مانعي الزكاة (٣٥) . واعتبارهم مرتدين ما لم يتوبوا، ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ... وبذلك ارتفع الخلاف


(٣٣) المرجع السابق (٣/٢١١) .
(٣٤) تفسير الطبري (١٠/٦٢) .
(٣٥) تستحسن مراجعة تفاصيل مناظرة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما وتفاصيل أقوال العلماء في ذلك في نيل الأوطار، باب الحث على الزكاة والتشديد في منعها (٤/١٧٥ وما بعدها) .

<<  <   >  >>