رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبس أحسن ما يكون من اليمنية. فقالوا: لا بأس، فما جاء بك؟ فقلت: أتيتكم من عند صاحبي، وهو ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه، وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم بالوحي منكم، وفيهم نزل القرآن، ابلغكم عنهم وأبلغهم عنكم، فما الذي نقمتم؟ فقال بعضهم ناهيا: إياكم والكلام معه، إن قريشا قوم خصمون، قال الله عز وجل:(بل هم قوم خصمون)(الزخرف:٥٨) . وقال بعضهم كلّموه، فانتحى لي منهم رجلان أو ثلاثة، فقالوا: إن شئت تكلمت وإن شئت تكلمنا. فقلت: بل تكلموا. فقالوا: ثلاث نقمناهن عليه: جعل الحكم إلى الرجال وقال الله: (إن الحكم إلا الله)(الأنعام: ٥٧)(يوسف: ٤٠ ٦٧) فقلت: قد جعل الله الحكم من أمره إلى الرجال في ربع درهم: في الأرنب (٨٣) ، وفي المرأة وزوجها (فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها)(النساء: ٣٥) .
فالحكم في رجل وامرأته والعبد افضل، أم الحكم في الأمة يرجع بها ويحقن دماؤها، ويلم شعثها؟ قالوا: نعم.
قالوا: وأخرى مجانفة أن يكون أمير المؤمنين، فأمير الكافرين هو. فقلت لهم: أرأيتهم إن قرأت من كتاب الله عليكم، وجئتكم به من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أترجعون؟ قالوا: نعم. قلت: قد سمعتم أو أراه قد بلغكم أنه لما كان يوم الحديبية جاء سهيل بن عمرو إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
(٨٣) إشارة الى قوله تعالى: (فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم) (المائدة: ٩٥) وذلك حول قتل المحرم الصيد.