يمكن القول: ان في ذكر هذه الاختلافات بيانا لواقعية هذا الدين، فهو يتعامل مع الناس على أنهم بشر، تتنازعهم عوامل مختلفة مما فطر الله تعالى خلقه عليه ولكن الذي تطمئن اليه النفس المؤمنة أن ذلك الاختلاف لم ينشأ عن ضعف في العقيدة، او شك في صدق ما يدعو اليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بل كان تحري الحق الرغبة في اصابة قصد الشارع من الحكام بغية جميع المختلفين.
ولما كان الرسول صلى الله عليه وسلم مصدر تلك الاحكام لم يكن عمر الخلاف يمتد لاطول من الطرق المؤدية الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد رأينا من خلال الاحداث التي مرت أن أسباب الاختلاف في مجموعها لم تكن تخرج عن تباين في فهم النص لأسباب لغوية او اجتهادية، وذلك في تفسير ما بين أيديهم من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ولم تكن هذه الاسباب لتخفي وراءها أية نوايا تحاول انماء بذرة الخلاف التي كان المنافقون يحرصون على تعهدها.
لذلك سرعان ما كانت هذه الاختلافات تضمحل بلقاء الرسول صلى الله عليه وسلم او الاحتكام الى نص ادركه بعضهم وغاب عن الآخرين لان غاية ذي الفطرة السليمة نشدان الحق حيثما وجد.
من الطبيعي ان تنتقل بعض الاسباب الموضوعية للاختلاف من عصر لآخر حيث يصعب وضع حواجز تحصر خلفها أسباب الاختلاف من عصر لآخر حيث يصعب وضع حواجز تحصر خلفها أسباب الاختلاف في كل عصر، ولكن هناك امورا كانت تستجد على الساحة الاسلامية، نتجت عنها أسباب وعوامل تذكي روح الاختلاف.