فقد دل النص على أن من يعصي ذلك النبي المبشر به، ولا يطيع كلامه الذي هو وحي من عند الله، فإن الله سبحانه سيكون هو المنتقم منه. وهذا يدل على تعظيم ذلك النبي وتأييده، لأن الله سبحانه أضاف الانتقام إلى نفسه، وعقبه بالفاء التي تفيد الترتيب من غير تراخ زمني، فلابد أن يتميز هذا النبي بصفات لا توجد في غيره من الأنبياء.
ولا يمكن أن يراد بالانتقام هنا محض العذاب في الآخرة، لأنه عام يشمل من خالف أي نبي من الأنبياء، كما أنه متأخر إلى وقت يعلمه الله. بل يظهر والله أعلم أن المراد بالانتقام هنا الانتقام التشريعي الذي يشمل الجهاد الذي تكون فيه العاقبة لذلك النبي وللمتقين الذين معه، كما يشمل إقامة حدود الله على من تعداها.
وأما إهلاك الأمم السابقة بعذاب الاستئصال في الدنيا فلم يكن انتقاما منهم لمجرد كفرهم بالله وتكذيبهم أنبياءءه، بل لأنهم سألوا الآيات وتحدوا بها، ولما جاءتهم لم يؤمنوا وأصروا واستكبروا استكبارا. فكان من الاعتبار أن الذين لا يهتدون إذا جاءتهم الآيات المقترحة أن يغلظ الأمر عليهم، وينزل بهم عذاب الاستئصال.
ومما تقدم يكون النبي المبشر به موحىّ إليه بكلام من عند الله فيه تشريع تفصيلي، ومأمورا بالجهاد مؤيدا بنصر الله، ومأمورا بإقامة الحدود والقصاص. ومحمد صلى الله عليه وسلم كان كذلك: