للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

سُورَةُ الرَّعْدِ

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ﴿كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ﴾ مَثَلُ الْمُشْرِكِ الَّذِي عَبَدَ مَعَ اللهِ إِلَهًا غَيْرَهُ، كَمَثَلِ الْعَطْشَانِ الَّذِي يَنْظُرُ إِلَى خَيَالِهِ فِي الْمَاءِ مِنْ بَعِيدٍ، وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَتَنَاوَلَهُ وَلَا يَقْدِرُ. وَقَالَ غَيْرُهُ: سَخَّرَ ذَلِكَ (١)، ﴿مُتَجَاوِرَاتٌ﴾ مُتَدَانِيَاتٌ ﴿الْمَثُلاتُ﴾ وَاحِدُهَا مَثُلَةٌ، وَهْيَ الْأَشْبَاهُ وَالْأَمْثَالُ. وَقَالَ ﴿إِلا مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا﴾ ﴿بِمِقْدَارٍ﴾ بِقَدَرٍ، ﴿مُعَقِّبَاتٌ﴾ مَلَائِكَةٌ حَفَظَةٌ تُعَقِّبُ الْأُولَى مِنْهَا الْأُخْرَى وَمِنْهُ قِيلَ: الْعَقِيبُ يُقَالُ: عَقَّبْتُ فِي أَِثَْرِهِ ﴿المِحَالُ﴾ الْعُقُوبَةُ، ﴿كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ﴾ لِيَقْبِضَ عَلَى الْمَاءِ، ﴿رَابِيًا﴾ مِنْ رَبَا يَرْبُو، ﴿أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ﴾ الْمَتَاعُ مَا تَمَتَّعْتَ بِهِ، ﴿جُفَاءً﴾ أَجْفَأَتِ الْقِدْرُ إِذَا غَلَتْ فَعَلَاهَا الزَّبَدُ ثُمَّ تَسْكُنُ فَيَذْهَبُ الزَّبَدُ بِلَا مَنْفَعَةٍ، فَكَذَلِكَ يُمَيَِّزُ الْحَقَُّ مِنَ الْبَاطِلِ، ﴿الْمِهَادُ﴾ الْفِرَاشُ، يَدْرَؤُونَ يَدْفَعُونَ، دَرَأْتُهُ دَفَعْتُهُ، ﴿سَلامٌ عَلَيْكُمْ﴾ أَيْ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ، ﴿وَإِلَيْهِ مَتَابِ﴾ تَوْبَتِي، ﴿أَفَلَمْ يَيْأَسِ﴾ لَمْ يَتَبَيَّنْ، ﴿قَارِعَةٌ﴾ دَاهِيَةٌ، ﴿فَأَمْلَيْتُ﴾ أَطَلْتُ مِنَ الْمَلِيِّ وَالْمُِلَاوَةِ، وَمِنْهُ: ﴿مَلِيًّا﴾ وَيُقَالُ لِلْوَاسِعِ الطَّوِيلِ مِنَ الْأَرْضِ مَلَى مِنَ الْأَرْضِ، ﴿أَشَقُّ﴾ أَشَدُّ مِنَ الْمَشَقَّةِ ﴿مُعَقِّبَ﴾ مُغَيِّرٌ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: ﴿مُتَجَاوِرَاتٌ﴾ طَيِّبُهَا وَخَبِيثُهَا السِّبَاخُ، ﴿صِنْوَانٌ﴾ النَّخْلَتَانِ أَوْ أَكْثَرُ فِي أَصْلٍ وَاحِدٍ، ﴿وَغَيْرُ صِنْوَانٍ﴾ وَحْدَهَا ﴿بِمَاءٍ وَاحِدٍ﴾ كَصَالِحِ بَنِي آدَمَ وَخَبِيثِهِمْ أَبُوهُمْ وَاحِدٌ، ﴿السَّحَابُ الثِّقَالُ﴾ الَّذِي فِيهِ الْمَاءُ، ﴿كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ﴾ يَدْعُو الْمَاءَ

⦗٧٩⦘

بِلِسَانِهِ وَيُشِيرُ إِلَيْهِ بِيَدِهِ فَلَا يَأْتِيهِ أَبَدًا، سَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا تَمْلَأُ بَطْنَ وَادٍ، ﴿زَبَدًا رَابِيًا﴾ زَبَدُ السَّيْلِ، خَبَثُ الْحَدِيدِ وَالْحِلْيَةِ.

﴿اللهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ﴾ غِيضَ نُقِصَ.


(١) (تعليق الشاملة): في الهامش: [قوله: "سخر ذلك"، في اليونينية بالكاف، وأصلحها في الفرع لامًا، وعليها شرح القسطلاني، فانظره]، ولعل صوابها: وقال غيره: سخر: ذلل، وهو ما ذكره أبو عبيدة في مجاز القرآن (١/ ٣٢٠) فقال: «وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ» أي: ذلّلها فانطاعا. وقال ابن حجر في فتح الباري (٨/ ٣٧١): وذلل بالذال المعجمة وتشديد اللام تفسير سخر، وقال القسطلاني في إرشاد الساري (٧/ ١٨٣): (وقال غيره) أي: غير ابن عباس في قوله تعالى: ﴿سخر﴾ أي: (ذلل) الشمس والقمر لما يقصد منهما، كتذليل المركوب للراكب أو لنيل منافعهما، وسقط هذا لأبي ذر، وفي اليونينية: سخر ذلك بكاف بعد اللام، وهي مصلحة في الفرع لامًا، وهو الذي رأيته في النسخ المعتمدة كنسخة آل ملك.