للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الطوفي (ت ٧١٦ هـ) بشأن قتل الأب ولده، إذ لا فرق في قتله بين أن يضربه بالسيف، أو يرميه بسهم، أو يذبحه. فإنه لا يقتل تغليباً للمعنى الجامع، وهو الإشفاق الوازع. وقد غلّب هذا المعنى المناسب على ما ورد عن مالك – رحمه الله- (ت ١٧٩ هـ) (١) في تفريقه بين القتل بالسيف والقتل بالذبح، فإنه رأى أن الذبح معنى مناسبٌ للقود، فيقاد به الأب، بخلاف القتل بالطرق الأخرى. ووجه التفريق والأرجحية عنده، هو أن القتل فيما سوى الذبح، يحتمل أنه أراد به ترويع ولده لتأديبه، فأفضى إلى القتل خطأ، بخلاف الذبح الذي لا يتحقق به معنى التأديب، فيجب القود – حينئذٍ – قياساً على الأجنبي، فرجّح مناسب القتل العمد العدوان، على مناسبة الإشفاق الوازع- بينما لم يعتد الجمهور بهذا الفرق واعتبروه وصفاً طردياً.

ومثال الأنسب فارقاً، في المسألة المتقدمة، أن يقال إن المعنى المناسب الجامع بين الأب والأجنبي أنهما قاتلان، فينبغي أن يقاد الأب بالولد، كما هو الأمر في الأجنبي، لاشتراكهما في العلة المناسبة. فيقال: وصف الأبوّة معنى مناسب لإسقاط القود، وهو أكثر


(١) هو أبو عبد الله مالك بن أنس بن مالك الأصبحي المدني ولد في المدينة سنة (٩٣ هـ)، وقيل سنة (٩٥ هـ). وأخذ العلم عن ربيعة بن عبد الرحمن وغيره، كان – رحمه الله- فقيه أهل المدينة، وأحد أئمة المذاهب الفقهية السنية الأربعة. توفي في المدينة سنة (١٧٩ هـ)، ودفن في البقيع.
من آثاره: الموطأ، والمدونة الكبرى، وهي تمثل فتاواه وآراءه برواية تلاميذه.
راجع في ترجمته: وفيات الأعيان (٣/ ٢٨٤)، والديباج المذهب (ص ١٧ - ٣٠)، والفتح المبين (١/ ١١٢)، ومعجم المؤلفين (٨/ ١٦٨)، والأعلام (٥/ ٢٥٧) ن وسائر الكتب المؤلفة في حياة وسيرة الإمام مالك.

<<  <   >  >>