للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فمن استحسن شيئاً من البدع فإما يزعم أن النبي صلى الله عليه وسلم انتقل إلى الرفيق الأعلى قبل أن يكمل الله الدين ويتم النعمة أو يزعم أن النبي صلى الله عليه وسلم خان الرسالة بكتمان بعض ما أمر بتبليغه، مع أنه لو زعم ذلك واقعاً لا ينفعه زعمه.

أما الأول: فإذا لم يكمل الله الدين فمن ذا الذي يكمله؟

قال تعالى: {فماذا بعد الحق إلا الضلال} (١) وكل شيء من الدين ليس من الله فهو من الشيطان، ولا يدين به إلا من يعبد الشيطان. قال تعالى في سورة يس: {ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم ولقد أضل منكم جبلاً كثيراً أفلم تكونوا تعقلون} (٢) .

أما الثاني: فمن زعم أن محمداً صلى الله عليه وسلم كتم شيئاً أمره الله بتبليغه فهو كافر إجماعاً. وإذا كتم الرسول صلى الله عليه وسلم شيئاً من الدين، حاشاه من ذلك، فمن ذا الذي يستطيع أن يتلقى وحياً ويبلغه بعده، وقد ختم الله الرسالة به صلوات الله وسلامه عليه، وهكذا تدحض حجة المبتدعين، فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين.

وقد بدا لي أن أرد على القرافي ومن تبعه بطريقتي


(١) يونس: ٣٢.
(٢) يس: ٦٠، ٦٢.

<<  <   >  >>