للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال حنبل: «وكان أبو عبد الله قد بلغ بُصْرَى - لما خرج إلى المتوكل بالعسكر في سُرَّ مَنْ رأى - فوجه إليه رسولاً، وقد باب ببصرى يأمره بالرجوع، فرجع أبو عبد الله، وامتنع من الحديث إلا لولده ولنا، وربما قرأ في منزلنا» (١).

وقال المروذي: سمعت أبا عبد الله في العسكر، يقول لولده: قال الله تعالى: {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: ١]، أتدرون ما العقود؟ إنما هو العهود، وإني أعاهد الله عز وجل، ثم قال: والله، والله، والله، وعلي عهد الله وميثاقه ألا حدثت بحديث لقريب ولا لبعيد حديثًا تامًا حتى ألقى الله، ثم التفت إلى ولده وقال: وإن كان هذا يشتهي منه ما يشتهي، ثم بلغه عن رجل من الدولة وهو ابن أكثم أنه قال: قد أردت أن يأمره الخليفة أن يكفر عن يمينه، ويحدث، فسمعت أبا عبد الله يقول لرجل من قبل صاحب الكلام: لو ضربت ظهري بالسياط، ما حدثت (٢).

ويستنتج من كل ما مضى في مسألة ترك التحديث ومراحله ومنهج الإمام فيه ما يلي:

أولاً: أن الإمام كان يرى عظيم أثر العلم والحديث والسنة لا سيما أيام المحن وظهور البدع وعلو شأنها.


(١) ذكر محنة الإمام أحمد ص (٧٤)، وينظر: سيرة الإمام أحمد لابنه صالح ص (١٠١).
(٢) ينظر: السير (١١/ ٣١٠).

<<  <   >  >>