قال الحسين بن فهم:«حدثني أبي قال: قال ابن أبي دؤاد للمعتصم: يا أمير المؤمنين، هذا يزعم - يعني: أحمد بن حنبل - أن الله يُرَى في الآخرة، والعين لا تقع إلا على محدود، والله لا يُحد، فقال: ما عندك؟ قال: يا أمير المؤمنين عندي ما قاله رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال: وما هو؟ قال: حدثني غندر، حدثنا شعبة، عن إسماعيل، عن قيس، عن جرير قال: «كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في ليلة أربع عشرة، فنظر إلى البدر فقال: «إنكم سترون ربكم كما ترون هذا البدر، لا تضامون في رؤيته»(١). فقال لابن أبي دؤاد: ما تقول؟ قال: انظر في إسناد هذا الحديث، ثم انصرف.
فوجّه إلى علي بن المديني - وعليٌّ ببغداد مملق - ما يقدر على درهم فأحضره، فما كلمه بشيء حتى وصله بعشرة آلاف درهم، وقال: هذه وصلك بها أمير المؤمنين، وأمر أن يدفع إليه جميع ما استحق من أرزاقه، وكان له رزق سنتين، ثم قال له: يا أبا الحسن حديث جرير بن عبد الله في الرؤية ما هو؟ قال: صحيح. قال: فهل عندك عنه شيءٌ؟ قال: يعفيني القاضي من هذا. قال: هذه حاجة الدهر. ثم أمر له بثياب وطيب ومركب بسرجه ولجامه، ولم يزل حتى قال له: في هذا
(١) أخرجه: البخاري - فتح - (١٣/ ٤١٩) ح (٥٢٩)، ومسلم (١/ ٤٣٩) ح (٦٣٣) عن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه.