الإسناد من لا يعول عليه، ولا على ما يرويه، وهو قيس بن أبي حازم، إنما كان أعرابيًا بوّالاً على عقبيه، فقبل ابن أبي دؤاد عليه واعتنقه، فلما كان الغد وحضروا قال ابن أبي دؤاد: يا أمير المؤمنين، يحتج في الرؤية بحديث جرير، وإنما رواه عنه قيس، وهو أعرابي بوّال على عقبيه؟ قال: فقال أحمد بعد ذلك: فحين أطلع لي هذا، علمت أنه من عمل علي بن المديني، فكان هذا وأشباهه من أوكد الأمور في ضربه».
وقد تكلم في ثبوت ذلك عن ابن المديني رحمه الله:
فقال الخطيب:«أما ما حكي عن عليّ في هذا الخبر من أنه لا يعول على ما يرويه قيس، فهو باطل، قد نزه الله عليًا عن قول ذلك، لأن أهل الأثر - وفيهم عليّ - مجمعون على الاحتجاج برواية قيس وتصحيحها، إذ كان من كبراء تابعي أهل الكوفة، وليس في التابعين من أدرك العشرة وروى عنهم غير قيس مع روايته عن خلق من الصحابة ... ، فإن كان هذا محفوظًا عن ابن فهم، فأحسب أن ابن أبي دؤاد تكلم في قيس بما ذكر في الحديث، وعزا ذلك إلى ابن المديني، والله أعلم ... ، ولم يحك أحد ممن ساق المحنة أن أحمد نوظر في حديث الرؤية»(١).
(١) تاريخ بغداد (١١/ ٤٦٩)، وينظر: مناقب الإمام أحمد ص (٤٧٦ - ٤٧٧)، وتهذيب الكمال (٢١/ ٢٢ - ٢٤)، وسير أعلام النبلاء (١١/ ٥٢ - ٥٤)، وتاريخ الإسلام (٤/ ٣١٧).