للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

علِّمني شيئًا ينفعني الله تبارك وتعالى به، قال له: «انظر ما يؤذي الناس فأعزله عن طريقهم» (١)، ومثل هذه الخدمات تُنمِّي في نفس الداعية التواضع، وتعمق في نفسه معاني الخير، وتجعل المجتمع من حوله يرى فيه حرصًا عمليًّا على كل ما يعود عليهم بنفع، أو يدافع عنهم ضررًا.

وإذا ما تذكَّر المؤمن نعمة الله عليه بالهداية، وذاق حلاوة الإيمان ونعيم الطاعة، فلن يبخل بالكلمة الطيبة؛ ليستنفذ بها أناسًا مازالوا محرومين مما ذاق، ومحجوبين عمَّا عرَف، ولذلك ضرب - صلى الله عليه وسلم - مثلًا بالأرض الطيبة التي قبلت الغيث فأنبتت، فقال: «فذلك مثل من فقه في دين الله عز وجل، ونفعه الله عز وجل بما بعثني به، ونفع به فعلم وعلَّم ..» (٢)، والداعية الحريص هو الأرض الطيبة التي تشرَّبت الخير وجادت به.

ولم يكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليتركَ فرصة ركوب غلام - كابن عباس - خلفه دون أن يزيده انتفاعًا بما يربِّيه ويملأ وقت الطريق، فقال له: «ألا أعلمك كلمات ينفعك الله بهن، احفظ الله يحفظك ..» (٣)، واصطبغ الصحابة رضي الله عنهم بهذا الخُلُق، وكان هذا شأن أبي هريرة مع أنس بن حكيم حيث قال له: (يا فتى، ألا أحدثك حديثًا لعل الله أن


(١) مسند أحمد ٤/ ٤٢٣، ورواه مسلم بلفظ مقارب في كتاب البر برقم ١٣٢/ ١٩١٤.
(٢) صحيح البخاري - كتاب العلم - باب ٢٠ - الحديث ٧٩ (فتح الباري ١/ ١٧٥).
(٣) مسند أحمد ١/ ٣٠٧، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم ٧٩٥٧.

<<  <   >  >>