للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأجيال الأخلاق العالية بالنظر إلى أخلاق القرون الأولى، ويتوارث الأفراد مكارم الأخلاق بالتأسي بأحاسنهم أخلاقًا.

[٩ - تراعي التدرج]

ومن الواقعية أيضًا أن الأخلاق الإسلامية لا تُطلَب من الناس بكمها الكبير، وكليتها الشاملة، منذ الانخلاع من الجاهلية والولوج في بوابة الهداية، وإنما تقوم تربية الإسلام على التدرج في إلقاء الأوامر والواجبات، بتقديم الأهم والأوجب، واجتناب الأفحش والأكبر، وحتى في سُلَّم التحلية يمكن أن يتدرج في مستوى الصعود، فيطالب ابتداءً بالصدقة بما تجود به نفسه، ولا يطالب بالتنازل عن كل ماله كما فعل أبو بكر - رضي الله عنه -، ولا ننتظر منه أكثر من العفو عمن أساء إليه، أما أن يحسن إلى المسيء، فتلك مرتبة أعلى، ومقام أرفع، يمكن أن يرتقي إليها بالتربية، وحين أقسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أن يُمثِّل بسبعين من المشركين؛ جزاءَ تمثيلهم بجثة سيدنا حمزة - رضي الله عنه - أنزل الله عز وجل عليه مبادئ متدرجة: أدناها {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ ...} [النحل: ١٢٦] وأرفع منها: {... وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرِينَ} [النحل: ١٢٦] واللائق برسول الله - صلى الله عليه وسلم - {وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللَّهِ ...} [النحل: ١٢٧] ويبقى القفز إلى معالي الأخلاق من العزيمة التي يُوفَّق إليها ذَوُو الهمم الكبيرة، ولكن أغلب النفوس يربيها التدرج.

[١٠ - ذات أثر اجتماعي]

أخلاق الرهبنة تبقى بين العبد وربه، وفي إطار صومعته، وبما أن الإسلام دين الحياة، فإنك ستجد المسلم في كل مجالات الحياة متخلقا بأخلاق الإسلام، فالعبادات تنعكس على السلوك الاجتماعي {... إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ

<<  <   >  >>