وإلا ستكون الشخصية ممسوخة، فإن غلبت على الشخص صفات القوة والشجاعة والتضحية والعزة والنصرة، فسيجأر الناس إلى الله من عدوانه وجبروته وتكبُّره، وإن غلبت عليه صفات العفو والسماحة والتواضع والسكينة، ربما وُجدت فيه شخصية الذليل المستكين، وإن غلبت عليه أخلاق الصراحة والجرأة والنصيحة والأمر بالمعروفة، ربما شكوا من سوء أدبه وقلة احترامه، فالخلاق الإسلامية مع تكاملها متوازنة، تدعو إلى العزة والتواضع، كما تدعو إلى الانتصار والعفو، فيها الصراحة والاحترام وفيها الكرم والاقتصاد، وهي شجاعة بغير تهور، ولين في غير ضعف، هذه بعض معالم الشخصية الإسلامية ذات الأخلاق المتوازنة.
٧ - تُنال بالمجاهدة:
هنالك أخلاق يتفضل الله عز وجل على بعض خلقه فيجعلهم عليها، ويطبعهم بها، عن غير كسب منهم ولا جهد، فمثل هذه فضل ومنَّة على من أوتيها، ومَن لم يُؤتَها مكلَّف بمجاهدة نفسه؛ لكي يأطرها على الحق أطرًا، ويجرها إلى الجنة بالسلاسل، ويلزمها بكسر هواها، وتغليب رضا الرب على ما سواه، إلى أن تصبح هذه الصفات الفاضلة خلقًا مكتسبًا بعد الترويض والمجاهدة، وإلى أن يكتسبها يحتاج إلى أن يتكلف فعل هذه الأخلاق الفاضلة، فيؤدي تكراره لها، وتعوده عليها، إلى ترشحها في قلبه، وانقلابها مع الزمن إلى طبع ثابت، وخلق أصيل؛ ولذلك جاء في الحديث:«ومَن يستعفف يُعفَّه الله، ومن يتصبر يُصبِّره الله»، وهكذا كل الأخلاق، بالتشجع يصبح شجاعًا، وبالتسامح يصبح سمحًا، وبالتورع يصبح ورعًا،