للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يده» (١)، وإذا ما أردت أن تأوي إلى مضجعك منشرح الصدر فإن (من بات كالاًّ من عمله بات مغفورًا له) (٢).

ولا فرق بين مهنة وضيعة ومهنة رفيعة، المهم أن يكون الرزق حلالاً، وقد كان هذا شأن الأنبياء، وعلى ذلك ربَّى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صحابته، فكان يُخاطِبهم بكل وضوح: «لأن يحتطِبَ أحدكم حزمة على ظهره خير من أن يسأل أحدًا فيعطيه أو يمنعه» (٣).

والمصيبة الكبرى في سؤال الناس أن نفسية المرء تعتاد الاتكال على الآخرين وتركن إل الكسل، والدين الذي يدعو إلى الجهاد لا يقبل لأتباعه أن يكونوا عالةً في أرزاقهم، ولا متطفِّلين على أموال غيرهم بغير طيب نفس، «لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس ... منه» (٤)، وقد طلب حكيم بنُ حزامٍ - رضي الله عنه - من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في موقفٍ واحد ثلاث مرات، ورسول الله يعطيه في كل مرة، ولكنه لم يتركه حتى أدَّبه بأدب الإسلام: «يا حكيم، إن هذا المال خضر حلو؛ فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه، ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه، وكان كالذي يأكل ولا يشبع، واليد العليا خير من اليد السفلى» (٥)، فأقسَم حكيمٌ ألا يطلب بعد ذلك شيئًا، ووفى بقسمه


(١) صحيح البخاري - كتاب البيوع - باب ١٥ - الحديث ٢٠٧٢.
(٢) أدرجه ابن حجر في (الفتح ٤/ ٣٠٦) عند شرح الحديث ٢٠٧٢ وعزاه إلى فوائد هشام بن عمار.
(٣) صحيح البخاري - البيوع - باب ١٥ - الحديث ٢٠٧٤.
(٤) صحيح الجامع برقم ٧٦٦٢ (صحيح).
(٥) صحيح البخاري - كتاب فرض الخمس - باب ١٩ - الحديث ٣١٤٣، رواه مسلم في كتاب الزكاة برقم ١٠٣٥.

<<  <   >  >>