للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من المسألة - يا قبيصة - سحتًا يأكلها صاحبها سحتًا» (١).

وقد ذكر الإمام النووي اتفاق العلماء على النهي عن السؤال لغير ضرورة، واشترط في سؤال القادر على الكسب ثلاثة شروط: (ألا يذل نفسه، ولا يلح في السؤال، ولا يؤذي المسؤول، فإن فقد أحد هذه الشروط، فهي حرام بالاتفاق، والله أعلم) (٢).

والمال الذي يأتي بغير تطلع النفس إليه، قال فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا جاءك من هذا المال شيء - وأنت غير مشرف ولا سائل - فخذه، وما لا، فلا تُتبِعه نفسك» (٣)، وفضَّل ابن بطال الأخذ على الترك، بشرط عدم استشراف النفس، وعلَّل الأفضلية بما يدل على مزيد فقه بطبائع البشر، فقال: (والوجه في تعليل الأفضلية: أن الآخذ أعون في العمل، وألزم للتصيحة من التارك، لأنه إن لم يأخذ، كان عند نفسه متطوعًا بالعمل، فقد لا يجد جدَّ مَن أخذ، ركونًا إلى أنه غير ملتزم، بخلاف الذي يأخذ، فإنه يكون مستشعرًا بأن العمل واجب عليه، فيجد جدَّه فيه) (٤).

ولكي تتوفر في المسلم، دواعي الكفاية والقناعة، بشرف وعزة، دعاه الإسلام إلى العمل، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «والذي نفسي بيده، لأن يأخذ أحدكم حبله، فيحتطب على ظهره، خير له من أن يأتي رجلًا فيسأله، أعطاه أو منعه» (٥)، وذكر ابن حجر من فوائد الحديث:


(١) صحيح مسلم - كتاب الزكاة - باب ٣٥ - الحديث ١٠٤٣.
(٢) شرح صحيح مسلم للنووي - كتاب الزكاة - باب ٣٣ - .
(٣) صحيح البخاري - كتاب الزكاة - باب ٥١ - الحديث ١٤٧٣.
(٤) نقلا عن فتح الباري ١٣/ ١٥٤ من شرح الباب ١٧ من كتاب الأحكام.
(٥) صحيح البخاري - كتاب الزكاة - باب ٥٠ - الحديث ١٤٧٠.

<<  <   >  >>