للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نعمةَ الله عليه، كما جاء في الحديث: «انظروا إلى مَن أسفلَ منكم ولا تنظروا إلى مَن هو فوقكم فهو أجدر ألا تزدروا نعمة الله عليكم» (١).

وصاحب النفس العفيفة لا يرضى أن تكون يده السفلى، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «اليد العليا خير من اليد السفلى، واليد العليا المنفقة والسفلى السائلة» (٢)، وسيكون أكثر تعففًا؛ حين يتخيل هذا التصوير لمال الصدقة: يذكر عبد الله بن الأرقم أنه طلب بعيرًا من بيت المال، فعرض عليه جمل من الصدقة، فأبى واستنكر أن يعرض عليه ذلك، وقال لصاحبه: (أتحب أن رجلاً بادناً في يوم حار، غسل لك ما تحت إزاره ورُفْغَيْه، ثم أعطاكه، فشربته؟ فغضب الرجل وقال: يغفر الله لك، أتقول لي مثل هذا؟! فقال عبد الله بن الأرقم: إنما الصدقة أوساخ الناس؛ يغسلونها عنهم) (٣).

ووما يُقوِّي القناعة: علم المرء بأن السؤال ذل في الدنيا، وعذاب وفضيحة في الآخرة، وفي ذلك يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من سأل الناس أموالهم تكثرًا، فإنما يسأل جمرًا، فليستقل أو ليستكثر» (٤).

وكذلك (من سأل وعنده ما يغنيه، فإنما يستكثر من النار) (٥)، ولماذا يستكثر من حيزت له الدنيا بأمنها وعافيتها وقوت يومها؟: «من أصبح آمنا في سربه، معافى في بدنه، عنده قوت بومه، فكأنما حيزت


(١) صحيح مسلم - كتاب الزهد والرقائق - الحديث ٢٩٦٣.
(٢) صحيح مسلم - كتاب الزكاة - باب ٣٢ - الحديث ١٠٣٣.
(٣) الموطأ ٢/ ١٠٠١ - كتاب الصدقة - باب ٣ - الحديث ١٥ (قال الأرناؤوط في حاشية جامع الأصول ١٠/ ١٥٠ - إسناده صحيح) والرفغ: أصول الفخذين من باطن.
(٤) صحيح مسلم - كتاب الزكاة - باب ٣٥ - الحديث ١٠٤١.
(٥) صحيح سنن أبي داود - كتاب الزكاة - باب ٢٤ - الحديث ١٤٣٥/ ١٦٢٩.

<<  <   >  >>