للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«إن السعيد لمن جُنِّب الفتن ..».

نعني بالفتنة ما يصيب الفرد أو الجماعة من هلاك أو تراجع في المستوى الإيماني، أو زعزعة في الصف الإسلامي.

من أول أسباب الوقوع في الفتنة استعداد القلب لقَبولها كما في الحديث «تُعرَض الفتن على القلوب .. وأي قلب أُشرِبَها نُكِتَت فيه نكتة سوداء» (١)، وكذلك قَبول السعي فيها، ففي الصحيح «.. الماشي فيها خير من الساعي، من تشرف لها تستشرفه» (٢)؛ أي: مَن تطلَّع لها صرعته فيها.

وأشد ما يُؤجِّج الفتن الخوض بالألسنة، يقول القرطبي في تعليل أسبابِ كثيرٍ من الفتن أنها تبدأ: (بالكذب عند أئمة الجور، ونقل الأخبار إليهم، فربما ينشأ من ذلك الغضب والقتل، أكثر مما ينشأ من وقوع الفتنة نفسها) (٣).

وكم تكبُرُ الفتنة حينما يبني المرء موقفه على وهم!! وذلك مثلما حصل مع الصحابيَّين الكريمين أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - حينما أشار أبو بكر بتأمير رجل على وفد بني تميم وأشار عمر بتأمير


(١) صحيح مسلم - كتاب الإيمان - باب ٦٥ - الحديث ٢٣١ - واللفظ لأحمد ٥/ ٣٨٦.
(٢) صحيح البخاري - كتاب الفتن - باب ٩ - الحديث ٧٠٨١.
(٣) عن عون المعبود ١١/ ٣٤٧.

<<  <   >  >>