للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخميس، فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئًا، إلا رجل بينه وبين أخيه شحناء، فيُقال: أنظِروهما حتى يصطلحا - مرتين -» (١)، وما فائدة إنظارهما إن لم يراجع كل منهما نفسه ليبدأ صاحبه بالسلام؟!

وهي سبب من أسباب البراءة من النفاق، قال إبراهيم التيمي: (ما عرضتُ قولي على عملي إلا خشيت أن أكون مكذبًا) (٢)، وقال ابن أبي مُلَيكة: (أدركت ثلاثين من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، كلهم يخاف النفاق على نفسه) (٣)، وتعليقًا عليه ينقل ابن حجر قول ابن بطال: (إنهم خافوا لأنهم طالت أعمارهم، حتى رأوا من التغيير ما لم يعهدوه، ولم يقدروا على إنكاره، فخافوا أن يكونوا داهنوا بالسكوت) (٤).

وجِماع الأمر ومِلاكه أن يفترض المسلم في نفسه الخطأ، وأن يستحضر عدم العصمة، لئلا يثقل عليه الاعتراف بخطئه، فتسد عليه أبواب التصحيح. {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ...} [الرعد: ١١]، ولأن الإنسان مخلوقٌ ضعيف، فهو كثير التغير والتقلُّب، وهنيئًا لمن كانت نيَّته فيئته إلى سنة، ومراجعته إِلى صواب، وتصحيحه إلى ما يرضي الله، فإن الرجوع إلى الحق شأن الأوابين والتوابين.

خلاصة هذا الفصل وعناصره:

- فائدة المراجعة عدم الاسترسال في الخطأ.


(١) صحيح مسلم - كتاب البر - باب ١١ - الحديث ٢٥٦٥ (شرح النووي ٨/ ٣٥٨) ورواه أحمد ٢/ ٤٠٠ واللفظ له.
(٢) صحيح البخاري - كتاب الإيمان - من ترجمة الباب ٣٦ - (الفتح ١/ ١٠٩).
(٣) نفس المصدر السابق
(٤) فتح الباري ١/ ١١١ عند شرحه لكتاب الإِيمان - باب ٣٦.

<<  <   >  >>