للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقد كان الحرص على جلب النفع للنفس في الآخرة رائدَهم، ولذلك كان رجاء كل منهم: دُلَّنِي على عمل ينفعني، أو يدخلني الجنة (١).

وقد تغفل في غمرة جهادك ومشاغلك عن حظ نفسك من التربية فلابد من لفتة إِلى خاصة نفسك، وإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيّر عمه حمزة خيارًا مُعِبِّرًا: «يا حمزة! نفسٌ تحييها، أحبُّ إِليك، أم نفسٌ تميتها؟ قال: بل نفس أحييها قال: عليك بنفسك» (٢).

بعض الصور والمواقف من حياة لجيل الأول، تؤكد لك رسوخ هذا الخلق في تربية خير القرون، ففي حديث طويل يكرر أبو أمامة طلبه: «يا رسول الله! ادعُ الله لي بالشهادة) وفي كل مرة يصّر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يدعو له بقوله: «اللَّهم سَلِّمهم وغنِّمهم» ثم أتى أبو أمامة بعد ذلك فقال: «يا رسول الله! مُرْني بعمل آخذه عنك؛ ينفعني الله به»، قال: «عليك بالصوم ..»، يقول الراوي: (فكان أبو أمامة وامرأته وخادمه لا يُلْفَوْنَ إِلا صيامًا)، ثم أتى أبو أمامة بعد ذلك فقال: «يا رسول الله! إِنك قد أمرتني بأمر، وأرجو أن يكون الله عز وجل قد نفعني به، فمرني بأمر آخر ينفعني الله به فأمره بكثرة السجود» (٣).

ومثل ذلك ما ورد عن جارية بن قدامة السعدي حيث


(١) صحيح سنن النسائي للألباني - كتاب التطبيق - باب ٨٠ - الحديث ١٠٩١ من سؤال معدان ابن طلحة لثوبان (صحيح).
(٢) مسند أحمد ٢/ ١٧٥، وفي نسخة أحمد شاكر برقم ٦٦٣٩ حيث قال: (إِسناده صحيح).
(٣) مسند أحمد ٥/ ٢٥٥، وعزا البنا إِلى الهيثمي قوله في تخريجه: ورجال أحمد رجال الصحيح.

<<  <   >  >>