للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخير) (١)، ولم يكن اهتمام جيل الأسوة بصور الأعمال وأعدادها؛ ولكنهم كانوا يبحثون عن الثمرة والأثر، فقد صحَّ عن عبد الله بن مسعود قوله: (ولَيقرأنَّ القرآنَ أقوامٌ لا يجاوز تراقيَهم، ولكنه إذا قرأه فرسخ في القلب نفع) (٢).

وقد وضح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ذهاب العلم بفقد أثره، وبعدم الانتفاع به، لا بذهاب رسمه، وفي ذلك يقول زياد بن لَبيد: «يا رسول الله! وكيف يذهب العلم، ونحن نقرأ القرآن، ونُقرئه أبناءنا، ويُقرئه أبناؤنا أبناءهم، إلى يوم القيامة» قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ثكِلتْك أمك يا ابن أم لَبيد! إن كنت لأراك من أفقه رجلٍ بالمدينة. أَوَليس هذه اليهود والنصارى يقرؤون التوراة والإِنجيل، لا ينتفعون مما فيهما بشيء» (٣). فبالحرص على الانتفاع بالعلم حياة للقلوب وللعلم، وبهذا تصبح الأمة تعيش المبادئ التي تعتز بها وتدعو إِليها.

ولا يفوتنك أن تنتفع بصحبة الصالحين، فقد ورد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما نفعني مالٌ قط إِلا مال أبي بكر، فبكى أبو بكر وقال: وهل نعني الله إلا بك؟ ثلاثًا» (٤)، فمصاحبة الصالحين تورث الأسوة الحسنة، وتجعل الوقت والمواقف مشحونة بصور الانتفاع لما ينجي في الآخرة.


(١) صحيح البخاري - كتاب الوكالة - باب ١٠ - الحديث ٢٣١١ (الفتح ٤/ ٤٨٧).
(٢) صحيح مسلم - كتاب صلاة المسافرين - باب ٤٩ - الحديث ٨٢٢ (النووي ٣/ ٣٥٢). ورواه أحمد ١/ ٣٨٠، واللفظ له.
(٣) مسند أحمد ٤/ ١٦٠، وفي الفتح الرباني ١/ ١٨٢ برقم ٧٩، حيث ذكر في تخريجه: (رواه الحاكم وقال صحيح - قلتُ -: وأقره الذهبي، وله شاهد أيضًا عند ابن حبان .. بإِسناد جيد).
(٤) مسند أحمد ٢/ ٣٦٦، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم ٥٨٠٨.

<<  <   >  >>