للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إسلام المرء تركه ما لا يعنيه» (١) ومن سوء استعمال اللسان أن يطلق له العنان، ليلوك الأحاديث، ويجتزَّ الأخبار، ويُوقِد الفتن، وقد استشهد ابن ماجه بهذا الحديث في باب كف اللسان في الفتنة، وفي رواية لأحمد: «إن من حسن إسلام المرء قلة الكلام فيما لا ... يعنيه» (٢).

وكما يكون حفظ اللسان بإخراج خيره للمسلمين، فإنه كذلك بتسليط شره على أعداء الدين، وقد سمَّى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك جهادًا، فقال: «جاهدوا المشركين بأموالكم، وأنفسكم، وألسنتكم» (٣)، وحين أنشد ابن رواحة أبياتًا في تبكيت أهل مكة بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو داخل لعمرة القضاء، نهاه عمر، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «خلِّ عنه، فوالذي نفسي بيده لكلامه أشدُّ عليهم من وقع النَّبل» (٤)، وفي صحيح مسلم عن الخلوف الذين يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون، يقول - صلى الله عليه وسلم -: «فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن» (٥)، فعد إنكار المنكر، وإقامة الحجة، وتبيين سبيل المجرمين، من جهاد اللسان.

وأيُّ حفظٍ للسان أكبر من أن يستعمله صاحبه في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدعوة إلى الله، وإنها لأعلى المنازل، وأدناها إمساك اللسان، والتزام الصمت، والكفّ عن الأعراض، والحفظ


(١) صحيح سنن ابن ماجه ٢/ ٣٦٠ الحديث ٣٢١١/ ٣٩٧٦ من كتاب الفتن - باب ١٢ (صحيح).
(٢) مسند أحمد ١/ ٢٠١.
(٣) صحيح الجامع - الحديث ٣٠٩٠ (صحيح).
(٤) صحيح سنن النسائي - كتاب المناسك - باب ١٢١ - الحديث ٢٧١٠ (صحيح).
(٥) صحيح مسلم - كتاب الإيمان - باب ٥٠ - الحديث ٣٥ (جامع الأصول ١/ ٣٢٦).

<<  <   >  >>