للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه» (١)، وقد حث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الضيافة - كمظهر من مظاهر الكرم - بتحريك المشاعر الإيمانية: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ..» (٢)، ومَن كانت المادة قد التَهَمَتْه واستولت على قلبه وجعلته يعد ويُحصِي ويُحجِم عن المكارم استبقاء لما في الجيب وحذرًا مما يأتي به الغيب فلا خير فيه يقول - صلى الله عليه وسلم -: «لا خير فيمن لا يضيف» (٣).

وقد كانت السمعة والصيت عند أبناء الجاهلية عرضًا يخشون عليه أن يمسّ، فيتحدث الناس عنهم بما لا يحبون، فكانوا يهينون أموالهم حفاظًا على سمعتهم، وعزَّز الإسلام خيار الأخلاق فقال - صلى الله عليه وسلم -: «ذُبُّوا عن أعراضكم بأموالكم» (٤)، وأي دناءة يصل إليها المرء حين يؤثر المال الوفير المحفوظ بالشح والبخل والتقتير؟!

الناس بفطرتهم لا يُحِبُّون الشحيح البخيل، وإذا لم تتحقَّق المحبة لم تنفتح القلوب للاستجابة والاستقبال، وقد ورد بهذا المعنى: (السَّخي قريب من الله، قريب من الناس، قريب من الجنة، بعيد من النار، والبخيل بعيد من الله، بعيد من الناس، بعيد من الجنة، قريب من النار، ولَجَهِل سخي أحب إلى الله تعالى من عابد بخيل) (٥).

ومما يُعِين المرء على اكتساب صفة الكرم وتأصيلها في نفسه أن


(١) صحيح الجامع - الحديث ٢٦٩ (حسن).
(٢) صحيح سنن الترمذي - أبواب البر - باب ٤٣ - الحديث ١٦٠٢/ ٢٠٥٠ (حسن).
(٣) صحيح الجامع - الحديث ٧٤٩٢ (صحيح) وهو عند أحمد ٤/ ١٥٥.
(٤) صحيح الجامع - الحديث ٣٤٢٦ (صحيح).
(٥) أخرجه الترمذي. وقال المناوي: روي بأسانيد ضعيفة يقوي بعضها بعضًا. قال الأرناؤوط: ومعنى الحديث صحيح (جامع الأصول ٥/ ٣ - الحديث ٢٩٧٩).

<<  <   >  >>