للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عليه ماله أن يصرفه في وجوه الخير فبخل، طبيعي من مثله أن تعزَّ عليه روحه أن يُزهِقها في سبيل الله فيجبن، والجود بالنفس أسمى غاية الجود.

وإذا افتقدت الأمة الجود بالمال والجود بالنفس، فقد سارت في طريق الهلاك لما جاء في الحديث: «إياكم والشح، فإنما هلك مَن كان قبلكم بالشح: أمرهم بالبخل فبخِلوا، وأمرهم بالقطيعة فقطعوا، وأمرهم بالفجور ففجروا» (١).

وقد حذر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من صفات شرار الخلق في آخر الزمان وكان من صفاتهم الشح: «يتقارب الزمان، وينقص العمل، ويلقَى الشح، ويكثر الهرج» (٢)؛ ولأن الكرم صفة قلبية تنعكسُ على السلوك، فإن المريض بالشح مريض بالقلب يقعد به بخله عن البناء، ويحجزه الشح عن المبادرة، ويغدو يأخذ ولا يعطي، وماذا بعد ذلك من شر؟ لذلك يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «شرُّ ما في رجل شحٌّ هالع، وجبن خالع» (٣).

وقد عدَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الموبقات فذكر منها «الشرك بالله والشح» (٤)، وعدَّ المهلكات، فذكر فيها: «هوى متبع، وشح مطاع وإعجاب المرء بنفسه» (٥)،


(١) صحيح سنن أبي داود - كتاب الزكاة - باب ٤٧ - الحديث ١٤٨٩/ ١٦٩٨ (صحيح).
(٢) صحيح البخاري - كتاب الأدب - باب ٣٩ - الحديث ٦٠٣٧.
(٣) صحيح سنن أبي داود - كتاب الجهاد باب ٢٢ - الحديث ٢١٢٩/ ٢٥١١ (صحيح).
(٤) صحيح سنن النسائي - كتاب الوصايا - باب ١٢ - الحديث ٣٤٣٢ (صحيح).
(٥) صحيح الجامع - الحديث ٣٠٣٩ (حسن).

<<  <   >  >>