للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والكذب) (١)، كما فُسِّر البرُّ في السنة بحسن الخلق كقوله - صلى الله عليه وسلم -: «البر حسن الخلق، والإثم ما حاك في صدرك»، وقيل في شرحه: (أي التخلُّق بالأخلاق الحسنة مع الخلق والخالق، والمراد هنا المعروف، وهو طلاقة الوجه، وكف الأذى، وبذل الندى، وأنه يحب للناس ما يحب لنفسه) (٢).

ولأن درجة البرِّ من أعلى الدرجات، فلا يصل إليها المسلم إلا بعد مجاهدة للنفس، وإيثار للآخرة على علائق الدنيا وزينتها، ولذلك قال تعالى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: ٩٢]، حتى لا يكون للقلوب تعلُّق إلا بما عند الله، ولتخلص النفوس لبارئها، وعندئذٍ يعلو مقامها عند الله، ولذلك «فالناس رجلان: رجل برّ يرتقيّ كريم على الله، وفاجر شقي هّين على الله» (٣)؛ كما جاء في الحديث الصحيح، فالبر تقي كريم على الله، ومن كان كريمًا على الله كان كريمًا على عباده الصالحين والعقلاء، ولذلك يقول بعض الحكماء: لا تصادق عاقًّا فإنه لن يبَرَّك، وقد عقَّ من هو أوجب حقًّا منك عليه.

ومن أوجب البر الإحسان إلى الأقرب فالأقرب، وليس أقرب من الوالدين، وقد أمرنا بالإحسان إليهما، وبمصاحبتهما بالمعروف، وبشكرهما، وبالصبر عليهما، وعدم التضجر منهما، وبالتواضع لهما، وحسن الحديث معهما، والدعاء لهما، وقد جاء في الحديث: «إن


(١) بلوغ الأماني من الفتح الرباني ١٩/ ٣٣.
(٢) بلوغ الأماني من الفتح الرباني ١٩/ ٣٣.
(٣) صحيح سنن الترمذي - كتاب التفسير - سورة ٤٩ - الحديث ٢٦٠٨/ ٣٥٠١ (صحيح).

<<  <   >  >>