للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بينهم، بحيث لا تثورُ الضغائن، ولا تتحرك الأحقاد، ولذلك قال - صلى الله عليه وسلم -: «اعدِلوا بين أولادكم في النِّحَل - العطايا - كما تُحبُّون أن يعدلوا بينكم في البّر واللّطف» (١)، ولما جرت به بعض الجاهليات من إيثار الأولاد على البنات، فقد خص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - البر بالبنات بلفتات خاصة، منها قوله: «ليس أحد من أمتي يعول ثلاث بنات أو ثلاث أخوات، فيحسن إليهن، إلا كن له سترًا من النار» (٢).

وصاحب البر يتعدى بره الوالدين والأبناء إلى الأرحام والأقارب، ولأن الوفاء والإحسان أصيل فيه، فإنه يتميز به مع جميع الناس الذين يتعامل معهم، وفي مقدمتهم الأقرب فالأقرب، ولذلك حث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على توثيق هذه الصّلاة فقال: «اتقوا الله وصلوا أرحامكم» (٣)، وهذه الصلة من أحب الأعمال إلى الله: «أحبُّ الأعمال إلى الله: إيمان بالله ثم صلة الرحم» (٤)، وهي من أبواب الجنة لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «أَطِبِ الكلام، وأفش السلام، وصِلِ الأرحام، وصَلِّ بالليل والناس نِيام، ثم ادخل الجنة بسلام» (٥).

ولِمَا لبرِّ الأرحام وصلتهم من المنزلة عند الله، فقد أخذ على نفسه - سبحانه - أن يصل البارَّ الواصل، كما جاء في الحديث من قول الله للرحم: «أما ترضين أن أصِلَ مَن وصلك، وأقطع مَن قطعك؟ قالت: بلى يا رب، قال: فهو لك» (٦)، وجعل الوصل من أسباب البركة في


(١) صحيح الجامع - الحديث ١٠٤٦ (صحيح)
(٢) صحيح الجامع ٥٣٧٢ (صحيح).
(٣) صحيح الجامع - الحديث ١٠٨ (حسن).
(٤) صحيح الجامع - الحديث ١٦٦ (حسن).
(٥) صحيح الجامع - الحديث ١٠١٩ (صحيح).
(٦) صحيح البخاري - كتاب الأدب - باب ١٣ - الحديث ٥٩٨٧ (الفتح ١٠/ ٤١٧).

<<  <   >  >>