للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأفضلية: (وإنما فُضِّلت الصدقة عليه لمكان مخالفة هوى النفس، فأما من أعطى مَن يحب إنما يُنفِق على قلبه وهواه)، وقد كان حال البارِّين الواصلين لأرحامهم على هذه الصورة من الإحسان، حتى مع اختلاف الدين، ويشهد لذلك ما ورد من أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أُهدِيت إليه حُلَل كان قد قال عن مثلِها: «إنما يلبسُ هذه مَن لا خلاقَ له»، فأهدى منها إلى عمر، فقال عمر: كيف ألبسها، وقد قلتَ فيها ما قلت؟ قال: «إني لم أعطِها لتلبسها، ولكن نبيعها أو تكسوها»، فأرسل بها عمر إلى أخ له من أهل مكة قبل أن يُسلم) (١)، ويجب على البارِّ أن يستمر في صلة أرحامه ولو بأدنى صور الوصل، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: «بُلُّوا أرحامكم ولو بالسلام» (٢)؛ أي صلوا أرحامكم.

وتتَّسِع دائرة البر لتشمل الجيران، وقد أوصى بهم جبريل كثيرًا: «لقد أوصاني جبريل بالجار، حتى ظننت أنه يورثه» (٣)، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «مَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليحسن إلى جاره» (٤)، ونفى الإيمان الكامل عمَّن «لا يأمن جارُه بوائقَه» (٥)، و «مَن بات شبعانُ وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم به» (٦).

وفي وصيته - صلى الله عليه وسلم - لأبي ذر: «يا أبا ذر، إذا طبَخت فأكثر المرقة، وتعاهد جيرانك أو اقسم بين جيرانك» (٧)، وقد ذُكرت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - امرأة تقوم الليل، وتصوم


(١) صحيح البخاري - كتاب الأدب - باب ٩ - الحديث ٥٩٨١ (الفتح ١٠/ ٤١٤).
(٢) صحيح الجامع - الحديث ٢٨٣٨ (حسن)، بُلّوا: بمعنى صلوا. لأن النداوة صلة.
(٣) صحيح الجامع - الحديث ٥١٢٦ (صحيح).
(٤) صحيح الجامع - الحديث ٦٥٠١ (صحيح).
(٥) صحيح الجامع - الحديث ٧١٠٢ (صحيح).
(٦) صحيح الجامع - الحديث ٥٥٠٥ (صحيح).
(٧) صحيح الجامع - الحديث ٧٨١٨ (صحيح) ومسند أحمد ٥/ ١٤٩ واللفظ له.

<<  <   >  >>