كان يُتوقَّع للمبادئ والقيم التي تربَّى عليها الشباب أن تأخذ طريقَها إلى العمل والتنفيذ، وكان الذي نرجوه، أن تتحوَّل بصيرتنا بمداخل الشيطان ومصائده وحبائله إلى حذر شديد، واحتياط بالغ؛ لئلا يكون بأسنا بيننا.
وكان الشيطان يخترق الصفوف، ويُفرِّق بين الأحبة، ويشيع الدَّخَن بين القلوب، ولو أنه فعل ذلك بدواعي الهوى وشهوة المال أو حب الزعامة؛ لكان الأمر مفضوحًا مكشوفًا ظاهر العَوَر، لكنه كان يفعل فعله بدوافعَ ظاهرُها الخير، فتسأل الواحد من الناس: ما سر العداوة مع فلان؟ فتسمع عددًا من الإجابات منطلقها الظاهر الشرع - والله أعلم بخفايا الصدور وكيد الشياطين -: لأنه عميل، لأنه لا يوثق بدينه، لأنه لا يتَّبع السنة، ليس لديه علم، عقيدته فيها خلل، ولا نبرئ طرفًا ونتهم آخر، فقد ولغ الجميع في نفس البلاء بأقدار متفاوتة.
في وسط هذا الجو المغاير لِمَا ينبغي أن يكون، كان لا بدَّ من صمام أمان يُتيح لكل طرف أن يُنصِت لسماع رأي الطرف الآخر، وأن يرد الثاني بأدب ولطف، بغير تجريح ولا اتهام، وأن ينفض الجميع من مجلسهم متحابِّين متعاونين، يعذِرُ بعضهم بعضًا إذا لم يتَّفقوا.
وكان هذا الصمام المفقود هو (الأخلاق)، فالتربية الأخلاقية لكل شاب لم تكن قد أخذت حظها من الصقل والرعاية، بقدر ما تدرب الشاب على عرض فكرته، ونقض آراء المخالفين، من أجل سد هذه الثغرة كان لا بدَّ من الأخلاق؛ لأننا نتَّفق جميعًا على أن الصدق والحياء والتكافل والصبر من محاسن الأخلاق، كما نتفق على أن الخيانة والحسد والغيبة والكبر من مساوئ الأخلاق، فأردنا أن نتقي وساوس الشيطان، من الباب الذي قد يندر فيه الخلاف:(التربية الأخلاقية).