للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومما ذكره القرطبي في تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ البَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ} [الشورى: ٣٩]: (هو عام في بغي كل باغٍ من كافر وغيره، أي إذا نالهم ظلم من ظالم لم يستسلموا لظلمه) (١) وبعد أن عرض القرطبي جملة من الأقوال علق قائلًا: (وبالجملة العفو مندوب إليه، ثم قد ينعكس الأمر في بعض الأحوال، فيرجع ترك العفو مندوبًا إليه .. وذلك إذا احتيج إلى كف زيادة البغي وقطع مادة الأذى، وعن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما يدل عليه) (٢)، واستدل بحديث انتصار عائشة من زينب - رضي الله عنهما - وسيأتي تفصيله.

جاء في تفسير الآية {وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ البَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ * وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا ..} [الشورى: ٣٩، ٤٠]؛ (أي: ينتقمون ممن بغى عليهم ولا يستسلمون لظلم المعتدي، قال أبو السعود: هو وصف لهم بالشجاعة بعد وصفهم بسائر الفضائل، وهذا لا ينافي وصفهم بالغفران، فإن كلاًّ في موضعه محمود. {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا}؛ أي: وجزاء العدوان أن ينتصر ممن ظلمه من غير أن يعتدي بالزيادة.

قال الإمام الفخر: لما قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ البَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ} أردفه بما يدل على أن ذلك الانتصار يجب أن يكون مقيدًا بالمثل دون زيادة، وإنما سمى ذلك سيئة لأنها تسوء من تنزل به) (٣).

ولما استقى الإمام مالك في قول سعيد بن المسيب: (لا أحلل أحدًا). وجَّه هذا القول في: عدم التجاوز عن الرجل الظالم، فقال:


(١) تفسير القرطبي ١٦/ ٣٩.
(٢) تفسير القرطبي ١٦/ ٤٤.
(٣) عن صفوة التفاسير ٣/ ١٤٤ عند تفسير الآيات ٣٩ - ٤٣ من سورة الشورى.

<<  <   >  >>