تقول: عجبت من جنون بالعلم زيد، ومن أكل الطعام، أي: من أن جن بالعلم زيد، ومن أن أكل الطعام. وجوزوا في عجبت من ضرب زيد أن يكون فاعلاً بالمصدر أو مفعولاً لم يسم فاعله.
وذهب أبو الحسن الأخفش إلى أنه لا يجوز أن ينوى في المصدر انحلاله لحرف مصدري والفعل الذي لم يسم فاعله؛ فإذا قلت عجبت من ضرب زيد فهذا عنده مرتفع على الفاعل لا على أنه مفعول لم يسم فاعله.
وذكر شيخنا أبو الحسين بن أبي الربيع أن مذهب أكثر النحويين أن المفعول به لا يكون مع المصدر المنون إلا منصوباً؛ وإلى هذا كان الأستاذ أبو علي يذهب.
واستدل من أجاز رفعه على المفعول الذي لم يسم فاعله بعد المصدر بقول الشاعر:
إن قهراً ذوو الضلالة والبا ... طل عز لكل عبد محق
تقديره: أن يقهر ذوو الضلالة.
وذهب الكسائي إلى أنه لا يجوز ذلك إلا حيث لا يلبس.
وعلى ما تقرر من مذهب البصريين في جواز إعمال المصدر فيجوز عندهم أن تقدم فيه المفعول على الفاعل؛ فتقول: عجبت من ضرب زيداً عمرو. ويجوز عندهم ألا تذكر الفاعل، فتقول: عجبت من ضرب زيداً، قال تعالى (أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (١٤) يَتِيمًا)، وقال الشاعر: