[وأما عن تفصيل النقل، فهو كالتالي]
• حكاية ابن تيمية رحمه الله الاتفاقَ على: حرمة الطواف بغير البيت.
• ثم حكايته رحمه الله الاتفاقَ على: عدم التقبيل والتمسح بغير البيت
وبعد أن حكى الاتفاق على عدم التقبيل والتمسح، ذكر تعليل ذلك عنده، فقال: فإنه من الشرك.
فليس الاتفاق على أنه من الشرك، فلينتبه!
وأقرب نصوص ابن تيمية لهذا المعنى، ما قاله في الرد على الإخنائي (ص: ٣٩)، وهو كذلك في مجموع الفتاوي (٢٧/ ١٩١، ٢٢٣)، وهو النص الثاني الذي أردت إيراده هنا، قال رحمه الله:
واتفق الأئمة على أنه لا يمس قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا يقبّله، وهذا كله محافظة على التوحيد؛ فإن من أصول الشرك بالله اتخاذَ القبورِ مساجدَ. قوله تعالى: {وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا} [نوح: ٢٣] قالوا: هؤلاء كانوا قوما صالحين في قوم نوح فلما ماتوا عكفوا على قبورهم ثم صوروا تماثيلهم ثم طال عليهم الأمد فعبدوهم. وقد ذكر بعضَ هذا المعنى البخاريُّ في صحيحه لما ذكر قولَ ابنِ عباس رضي الله عنهما: إن هذه الأوثان صارت إلى العرب، وذكره ابنُ جرير الطبريُّ وغيرُه في التفسير عن غير واحد من السلف.
ولعله هو أصل المنقول عن ابن تيمية رحمه الله، والعلم عند الله تعالى.
وهذا نظير ما نقله النووي في المجموع شرح المهذب (٥/ ٢٨٦، ٢٨٧) عن أبي موسى الأصبهاني، أنه قال: وقال الفقهاء المتبحرون الخراسانيون: المستحب في زيارة القبور أن يقف مستدبرَ القبلةِ مستقبلًا وجهَ الميت يسلم ولا يمسح القبرَ ولا يقبله ولا يمسه؛ فإن ذلك عادة النصارى.
فقوله: فإن ذلك عادة النصارى هو تعليله، وليس هو قول الفقهاء المتبحرين الخراسانيين!، فليعلم.
وكذلك من نظير تعليل عبد القادر الجيلاني رحمه الله في الغنية (١/ ٩١): «وإذا زار قبرًا لا يضع يدَه عليه، ولا يقبله؛ فإنه عادة اليهود».
وكذا نظير قول الأثرم رحمه الله [كما في المستوعب (٤/ ٢٧٣)]، حيث قال: ذلك من فعل الجاهلية.
وقول الغزالي رحمه الله في الإحياء (١/ ٢٧١): «فإن المسَّ والتقبيلَ للمشاهد عادةُ النصارى واليهودِ».
ثم إن الأصل في النقل عن عالم معين هو الرجوع إلى نصوصه وهو المقدم، وأما المنقول عنه وهو التالي فينبغي الاحتياط في الاعتبار به، ومعارضته مع أصل كلامه، كما أسلفت، والعلم عند الله تعالى.