بعد أن ذكرنا بحول الله وقوته كثيرا من أقوال السادة الحنابلة رحمهم الله المصرحة بالتحريم، ولم أقصد تقصي ذلك، وإلا فقد تركت أقوال جماعة من الحنابلة صرحوا بالتحريم؛ وذلك لأسباب عندي، والله المستعان.
[ونذكر الآن قول من صرح بلفظ الكراهة]
وهم:
• الحجاوي في الإقناع (١/ ٢٣٣): «ويكره المبيت عنده وتجصيصه وتزويقه وتخليقه وتقبيله والطواف به وتبخيره وكتابة الرقاع إليه ودوسها في الأنقاب والاستشفاء بالتربة من الأسقام والكتابة عليه والجلوس والوطء عليه قال بعضهم: إلا لحاجة، والاتكاء عليه».
والحجاوي رحمه الله هو أول من ذكر الحكم بالكراهة منسوبا لمذهب الإمام أحمد رحمه الله، ولم يذكر هذا القول في حواشي التنقيح وكذا الزاد.
ولعله يقصد بالكراهة هنا التحريمية، وقد علق البهوتيُّ في الكشاف (٢/ ١٤٠) على ذلك، قائلا: «لأن ذلك كله من البدع»، وهذا يدل على أنها كراهة تحريم.
لكن يعكر على ذلك أنه بعد ذكره لهذه المكروهات، قال: «ويحرم ... » وسرد أمورا أخرى.
وأصول كتاب الإقناع -كالمستوعب إذ حذا حذوه على حسب تقدير ابن بدران- وكذا كتب المرداوي -التي أشار إليها الحجاويُّ وغيرها- ليس فيها نسبة الكراهة.
• ومرعي الكرمي (ت ١٠٣٣) في دليل الطالب (ص ٧١): «ويكره: تزويقه وتجصيصه وتبخيره وتقبيله والطواف به والإتكاء إليه والمبيت والضحك عنده والحديث في أمر الدنيا والكتابة عليه والجلوس والبناء والمشي بالنعل إلا لخوف شوك ونحوه». وقد تابع في ذلك الحجاويَّ رحم الله الجميع.
وكذا من شرح هذا الموضع من الدليل كأحمد المرداوي والتغلبي والدوماني وغيرهم؛ إذ لم يعقبوا، وكذا لم يعقبوا عندما نقل الشيخ مرعيُّ الاتفاقَ على حرمة الطواف بغير البيت عن الشيخ تقي الدين ابن تيمية رحم الله الجميع.
إلا أن بعض الشراح كإبراهيم الصالحي (ت ١٠٩٤) في مسلك الراغب (١/ ٤٧٦) قال بعد ذكره لعبارة الدليل الآنف ذكرها: «لأن ذلك كله بدعة».
وقد خالف الشيخُ مرعيٌّ رحمه الله تقريرَه هنا بالكراهة، حيث صرح بالتحريم في نفس الموضع من كتاب الجنائز في غاية المنتهى
• وابن بلبان (ت ١٠٨٣) في مختصر الإفادات (ص ١٩٤)، وقد تابع في ذلك الحجاويَّ ومرعيًّا رحم الله الجميع.