قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} [ق:٣٧]، وإنه والله سر حُسْنِ الأسوة، وجمالها في رسول الله، فقد قال صلى الله عليه وسلم:«إني لم أبعث لعاناً وإنما بعثت رحمة»(١). ذلك خلق رسول الله، ذلك خلق القرآن، وهو قول الله تعالى:{فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ}[آل عمران:١٥٩]، وقوله تعالى:{لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ}[التوبة:١٢٨]، ألا ما أحوج الناس اليوم عامة، والدعاة منهم خاصة إلى استيعاب هذا البلاغ القرآني العظيم، ألا وإن من أجهل الجهالات وأقبحها ما بدر من بعضهم -في زماننا هذا- من دفاع وتأصيل للخشونة في الدعوة، والتعنت في الدين! فتعلم من السنة أخي الداعية أخلاق النبوة؛ تكن بإذن الله من الراشدين!
ذلك خلقه صلى الله عليه وسلم الجامع المانع؛ قاطع لكل عبث؛ ومن هنا جعلنا عنوان هذا البلاغ الضابط لكل ما قبله:(في اتباع السنة تزكية وتعلُّماً وتحلُّماً)؛ إذ النبي صلى الله عليه وسلم إنما بعث معلماً ومزكياً، وكان كل ذلك منه على منهج الحلم والرأفة والرحمة والأناة، فصلى الله عليه وسلم من نبي حليم، ورسول كريم!