للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وتلك شهادة الله لرسوله صلى الله عليه وسلم: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم:٤]، تلك هي الأسوة الحسنة؛ ولذلك قال بعد: {لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب:٢١]؛ إذ الخلق الحسن هو باب العمل الصالح، وسبب قبوله، فليس عبثاً أن يصرح الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله العجيب: (ليس شيء أثقل في الميزان من الخلق الحسن) (١)، وقوله في نحو هذا أيضاً: (إن أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقاً، وإن حسن الخلق ليبلغ درجة الصوم والصلاة) (٢). ولذلك فإنه: (لا يكون المؤمن لعاناً) كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم (٣)، وقال لعائشة أم المؤمنين؛ إذ استغربَتْ منه أنه دارى أحد الناس ممن يكره: (يا عائشة! متى عهدتني فحاشاً؟ إن شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة من تركه الناس اتقاء شره) (٤). والقصة كما في صحيح البخاري أنه (استأذن رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ائذنوا له، بئس أخو العشيرة! أو ابن العشيرة. فلما دخل ألان له الكلام. قلت: يا رسول الله، قلت الذي قلت، ثم ألنت له الكلام؟) فقال لها صلى الله عليه وسلم ما قال.

قلت: هذا حديث تشد إليه رحال القلوب، {لِمَنْ كَانَ لَهُ


(١) رواه أحمد، وأبو داود، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير: ٥٣٩٠ و ٥٧٢١.
(٢) رواه البزار بسند صحيح: صحيح الجامع الصغير: (١٥٧٨).
(٣) رواه الترمذي، وصححه صاحب صحيح الجامع الصغير: (٧٧٧٤).
(٤) متفق عليه.

<<  <   >  >>