والحياة الدنيا -بلا دين- ظلمات متضاربة كأمواج البحر البهيم. والناس راحلون إلى ربهم من خلال ما حد لهم من أعمار، إنها رحلة شاقة مضنية. قال عز وجل:{يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ}[الإنشقاق:٦]، وهو لذلك في حاجة ماسة إلى الآيات؛ عسى أن يسهل عليه أمر العبور، وتتضح له معالم الطريق، ويسلك له سبيلها، تماماً كما لا تسلك الطريق لسائق السيارة؛ إلا بنصب علامات على كل مراحلها، وإنما العلامات: الآيات، كما في كل معاجم اللغة، هذا شيء مهم جدّاً، لكن ما فائدة الآيات بدون إبصار؟
ودعني أقصص عليك ها هنا قصة التاجر والأجير:
تبصرة:
خرج يوماً أحد التجار الأغنياء، ممن يحسبون من أهل الدين والصلاح، يقصد عالمِ المدينة، فسأله في ضائقة نزلت به، يريد من خلالها التوسل إلى الاقتراض الربوي من الأبناك؛ بناء على ما ظهر له فيها من الضرورة، مما لم يره العالم له، على ما يعرفه منه، ومن حاله، إذ كان يمكنه بيع شيء من ممتلكاته -وعنده منها ما يزيد على حاجته الحقيقية- لكن العالم لاحظ من خلال إلحاحه، وإعادة عرض مشكلته؛ أن عينيه تتشوقان إلى الحصول على رخصة!